• 4:01:32 PM
  • |
الصفحة الرئيسية آراء وتحليلات نحبهم مهما لنا أساؤوا
  • التعليقات: 0

نحبهم مهما لنا أساؤوا

20-02-2018 03:48 PM

جريدة الملاعب -

ujgvm_tiago_badr
الملاعب - بدر الدين ادريس


يجيز لنا كمغاربة ما كان من خروج صاغر وكارثي للفريق الوطني من آخر كأس إفريقية أن نغضب، أن نحزن وأن نحرر كيفما شئنا من صدورنا شحنات الحزن والغضب حتى لا تدمي الأضلع وتزيد القلوب إنكسارا، ولكن باسم الحب الأبدي الذي يصلنا بفريقنا الوطني وهو الحامل لرمزية خاصة، ما كان ينبغي أن نعاقبه بالعزوف عن مشاهدته عينيا وهو ينازل منتخب بوركينافاصو الأربعاء قبل الماضي بملعب مراكش الجديد.

أحزنني فعلا أن يذهب البعض إلى أبعد مدى في التعبير عن السخط، حتى أن هناك من أجاز لنفسه الدعوة إلى مقاطعة الفريق الوطني في مباراته أمام خيول بوركينافاصو تعبيرا عن عدم الرضا على ما آل إليه الحال وعن الرفض القاطع لما وصف بأنه تلاعب بالمشاعر، وتحريضا على حث غيرتس على الرحيل ودفع أعضاء الجامعة للإستقالة، وأبدا لم يحضر الوازع الوطني في كل هذا، أبدا لم يرتفع النقاش عن التعتيم والتيئيس، فانتصرنا كجماهير للنتيجة أكثر ما إنتصرنا لما تلزمنا به المواطنة، نصرة فريقنا الوطني في أحلك الظروف.

لا أحد ينكر على اللاعبين أنهم سقطوا إلى درك المعاناة، فهم يعرفون أنهم خذلوا شعبا بكامله، يعرفون أنهم قوضوا صرح حلم كبير ويعرفون أنهم أصابوننا جميعا بإحباط كبير، ولكن كما أنه ليس من حق أي منا أن يجردهم من وطنيتهم وكما أنه لا أحد بيننا يستطيع أن يقدم دليلا واحدا يثبت العمدية في صناعة الفشل والإخفاق، فإنه ليس من حقنا أن نعاقبهم بمثل هذه القسوة مهما أساؤوا لنا، كما أنه ليس من العدل أن نعدمهم شنقا بتهمة أنهم فشلوا في العودة بالكأس من الغابون..

لا أختلف عن كثيرين في وصف ما كان بالكارثي ولو أنني أرى في الكارثة ما هو أبعد من الخروج من الدور الأول لنهائيات كأس إفريقيا للأمم بالغابون وغينيا الإستوائية، ولا أضع نفسي في صف المدافع عن غيرتس وعن الجامعة، فما قدمته من مرافعات كان الدافع إليه أمرين إثنين، أولهما الظرفية التي يوجد فيها الفريق الوطني اليوم والتي تحتم عليه أن يبقي على لحمته وهو المقبل بعد فترة زمنية ليست بالطويلة على تصفيات كأس العالم 2014 وثانيهما حاجتنا الماسة إلى تكريس مبدإ الإستقرار الذي يضمن إستمرارية العمل بالأوراش الإستراتيجية التي نعرف.

إلا أنني أختلف مع البعض في صيغة الرفض الذي يجنح كثيرا إلى حلول لا ترضى عنها أخلاقنا ومنها طبعا مقاطعة الفريق الوطني، فالشعب الذي خرج بتلقائية كاملة وبانسيابية رائعة إلى الشوارع محتفلا قبل أشهر بالفوز التاريخي والملحمي على منتخب الجزائر برباعية نظيفة في مراكش، هذا الشعب الذي جسد ما يصله وجدانيا وعاطفيا بفريقه الوطني من خلال إحتفاليات جميلة، ليس هو الشعب الذي يرمي فريقه الوطني عرض البحر بعد هزيمته.

الشعب من حقه أن يغضب على منتخبه الوطني، ومن حقه أن يعبر كيفما يشاء عن هذا الغضب، ولكنه شعب لا يتبرأ من فريقه الوطني، إنه شعب يحب هذا الفريق مهما أساء له..

وبين أن يظهر هذا الشعب معدنه النفيس في الحب وفي الوفاء وفي حماية كل ما يرمز له، لحضارته ورياضته وثقافته، لماضيه ولحاضره، وبين ما هو يصطنع اليوم من ردات فعل، محرض عليها بالخطأ، هناك طريق طويلة لا بد وأن نمشيها جميعا من أجل أن نحمي حبنا الأبدي من كل ما يصيبه أحيانا من حالات رشح، من أجل أن نظهر تعلقنا الكبير بفريقنا الوطني، التعلق الذي يجعلنا نقف معه وخلفه باستمرار أكنا سعداء بانتصاراته أو حزينين لهزائمه..

وقد إقترحت ذات وقت لنقطع نصف هذا الممشى في تكريس ثقافة المناصرة اللا مشروطة إنشاء ناد خاص بالفريق الوطني يكون من أهدافه نشر هذه الثقافة التي تناصر المنتخب المغربي منتصرا أو مهزوما وتقطع دابر كل ما له علاقة بالتيئيس..

وقد كان مؤثرا بالفعل ومباراة الفريق الوطني أمام بوركينافاصو تبدأ بمدرجات شبه فارغة أن نلمس في عيون وأداء اللاعبين ما كان يقول بوجود قوة غالبة على الحزن وعلى الإحباط، فقد كان لسان حالهم يقول ما قاله الشاعر..

بلادي وإن جارت علي عزيزة
أهلي وإن ضنوا علي كرام

--------------
توقعت كل شيء، أي شيء.. إلا أن تهب على فاس عاصفة هوجاء كادت نفسد على أهلها صفاء ذلك اليوم الجميل، يوم الإحتفال بما صنعه النمور الصفر من ملاحم، يوم الديربي الفاسي..
لاعبو المغرب الفاسي يهددون أول الأمر بمقاطعة مباراة أعدها القدر للإحتفال ببطوليتهم، ثم يتراجعون عن ذلك بتطمينات قالت أن حقوقهم وحوافزهم في الحفظ والصون، وعمدة فاس ورئيس المغرب الفاسي يدخلون بعد ذلك في سجال كلامي لا اليوم كان يومه ولا المناسبة كانت تسمح به ولا عراقة وتاريخ مدينة فاس كانا يبيحانه..
هذا السجال سبقته فيما أذكر تسخينات، فقد كان السيد حميد شباط عمدة فاس والسيد مروان بناني رئيس المغرب الرياضي الفاسي قد إصطدما ذات مرة بسبب ما أعتبره خلافا عميقا في وجهات النظر لغياب ميثاق تعاقدي واضح، وثم القفز على ذاك الصدام بشكل لم يقل بموت أسبابه، فقد تحول الخلاف الجوهري إلى بركان نائم، والمؤسف أن البركان عندما نشط يوم السبت الماضي رمى بحمم خطيرة، لا أقول أنه تجاوز بالرجلين الخطوط الحمراء، ولكن ظاهره لا يشرف مدينة من معدن فاس.
البعض كرس نظرية المؤامرة، وقال أن لاعبي المغرب الفاسي وجهوا عمدا للتهديد بمقاطعة الديربي بهدف تصويب سهم للسلطات المنتخبة وبخاصة للعمدة حميد شباط، فهم اليوم في نظر كل المغاربة صناع مجد كروي والأمر يعطي لأي تصرف منهم قوة، والبعض الآخر قال أن شد الحبل بهذه الصورة المستهجنة يبرز من جديد هذا التداخل اللامقبول بين ما هو سياسي وما هو رياضي..
وللأمانة فإن عوائد وأخلاق الإحتراف لا تسمح قطعا بالأمرين معا، فلا حاجة لأبطال المغرب الفاسي أن يكونوا تحت وصاية أي كان لينساقوا وراء نظرية المؤامرة، ليتآمروا على الجماهير وعلى قدسية كرة القدم التي يمتهونها، كما أن لا حاجة لعمدة فاس ولرئيس المغرب الفاسي أن يكسرا تحت أي سبب ما يوضع بينهما من حواجز تبقي كل واحد في مجال إختصاصه.
أبدا ليس هناك أي حق لتنسيب إنجازات المغرب الفاسي لشخص بعينه، لا لشيء إلا لأنها إنجازات عائلة المغرب الفاسي بكامل مكوناتها والتي يفترض أن تكون السلطات المحلية والمنتخبون والفاعلون السياسيون والإقتصاديون منها..
وطبعا إزاء ما حدث وما قد يحدث، ما يمكن أن يتداعى على هوامش هذا الخلاف وما يمكن أن يأخذ المغرب الفاسي إلى مستنقعات الخوف في موسم البطولات، أدعو كل الفاسيين إلى إستعادة هذه الأبيات الشعرية الجميلة التي تؤثت قصيدا رائعا تغنى به الموسيقار عبد الوهاب الدكالي :
يا فاس حيا الله أرضك من ثرى
وسقاك من صوت الغمام المسبل
يا جنة الدنيا التي أربت على
حمص بمنظرها البهي الأجمل
غرف على غرف ويجري تحتها
ماء ألذ من الرحيق السلسل.




  • التعليقات: 0

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع الملاعب الرياضي بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع الملاعب الرياضي علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :