• 4:01:32 PM
  • |
الصفحة الرئيسية رياضة محلية من الصحافة الرياضية .. نموذج إنساني
  • التعليقات: 0

من الصحافة الرياضية .. نموذج إنساني

02-07-2020 05:59 PM

جريدة الملاعب - د. محمد عبدالله القواسمة

يغادر جريدة الدستور القسم الرياضي، ويتجه إلى مدينة أبو ظبي ليلتحق بجريدة الاتحاد في قسمها الرياضي أيضًا. ويمارس الكتابة في الرياضة وشؤونها، ويتابع مختلف الألعاب والمباريات التي تجري في دولة الإمارات بدءًا من كرة القدم إلى الألعاب الإلكترونية، التي نشطت في زمن كورونا.

وتزداد عزيمته اتقادًا، حين يُندب ليتابع نشاطات نادي بني ياس في إمارة أبو ظبي. فيقطع المسافات الطويلة ليصل إلى المكان، ويأنس بما فيه، ويصادق إنسانه، وينجح في أن ينقل إلى جريدته ما يمور على أرضه من نشاطات رياضية بهمة غير عادية، مشفوعة بروح إنسانية عالية. وتتسع هذه الروح لتتماهى مع المكان الإماراتي كله لتصبح جزءاً منه أو امتداداً له.

لا ينهك التعب هذا الصحفي الرياضي، لكن في المدة الأخيرة راح يحس بورم في عنقه، يتمرد على قوانين جسمه، ويزعجه في عمله دون أن يعطل نشاطه وحيويته. قال له الأطباء: إنه ورم حميد لا خوف منه. هنا لا بد لهذا الصحفي من اتخاذ موقف إزاء هذا الورم سواء أكان حميدًا أم شريرًا. كان موقفه منذ البداية المقاومة والرفض. يجب استئصال الورم على ضوء النصيحة المعروفة: «داو جرحك لا يتسع».

يؤخر الصحفي إعلام أهله بما عزم عليه. لا يريد أن يبعث حزنهم، ويضاعف من خوفهم عليه. رأى أن من واجبه ممارسة لعبته مع الورم وحيدًا تحت إشراف أطبائه فقط. لكنه يحنّ قبل أن يجري عملية الورم إلى عمان وإلى لقاء الأهل والزملاء السابقين في جريدة الدستور، وبخاصة في قسمها الرياضي. إنهم جزء من تاريخه، الذي بدأه في نهاية تسعينيات القرن الماضي. يزور عمان زيارة قصيرة ثم يعود إلى أبو ظبي. ولا يخبر أهله شيئًا عن إجراء العملية لإزالة الورم إلا ليلة دخوله المستشفى، ويطمئنهم بأن العملية ستنجح بإذنه تعالى؛ فهي ستتم بأيدي أطباء يتمتعون برصيد من النجاح المتراكم، ومن خبرة مميزة وشفافية عالية.

في اليوم التالي تنتشر أنباء عن نجاح العملية، ويسعد الأهل والزملاء بهذا النجاح. وينتظر الجميع عودة الجسم إلى الحركة والانتعاش، وفي تطور مفاجئ يظهر عدو جديد، إنّه جلطة خفيفة في الدماغ، تؤثر في الكلام والحركة. هنا، يبدأ ألم جديد لدى هذا الصحفي القوي، الذي اعتاد على ممارسة الرياضة، والكتابة عنها. إنه ألم أمضى من السكين يسري مثله إلى قلوب الأهل، وبخاصة الأب والأم. ويتمطى الألم، ويمتد إلى زملاء الصحافة من جريدة الاتحاد، ثم إلى زملاء الصحافة في الأردن، وبخاصة في جريدة الدستور. إنه الألم المشوب بمشاعر الاعتزاز بالتاريخ الرياضي المضيء لزميلهم.

صحفيُّناــ كما عرفناه ــ لا يستكين للألم، إنه أحيانًا يتحمله، وأحيانًا يداريه، وفي أغلب الأحيان يقاومه بالتفاؤل الممزوج بالمرح. فلا غرابة أن تسمع أنه روى نكته، أو خاطب المرض بتعنيف، أو بمعاتبة خفيفة، كما خاطب أبو الطيب المتنبي الحمى التي تسللت إلى عظامه. وإن كان المتنبي شكا في مرضه من العزلة والغربة فإنه لا يبتعد عنه الأصدقاء والزملاء،لهذا فمقاومته المرض وآلامه تتضاعف، وتتعزز.

هكذا، فإن هذا الصحفي، الذي أتحدث عنه نموذج إنساني لحبه العمل والحياة والناس، سيخرج بإذنه تعالى من مستشفى التأهيل التخصصي بأبو ظبي معافى، وتنتهي الأيام القاسية، وتتلاشى الآلام تحت مطرقة الصبر، والتحمل، ومهارة الجهاز الطبي، ويعود إلى عالمه في الصحافة الرياضية. الآن، وقد نجا من عملية خطيرة أزيل فيها الورم، بقي أن ينجو من الآثار التي خلفتها الجلطة الدماغية. إنه الآن يتحمل، ويقاوم. وفي النهاية، بإرادة الله، ومع صموده، ودعوات الأهل والزملاء، سينتصر.




  • التعليقات: 0

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع الملاعب الرياضي بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع الملاعب الرياضي علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

رياضة عالمية