• 4:01:32 PM
  • |
الصفحة الرئيسية المرصد "عقدة كأس العالم وفن إدارة التغيير"
  • التعليقات: 0

"عقدة كأس العالم وفن إدارة التغيير"

25-07-2018 10:11 AM

جريدة الملاعب -

طارق غصاب


المتابع لكرة القدم العالمية يلاحظ بشكل واضح حدوث تيار من التغيير في شكل كرة القدم وطريقتها، بدأ هذا التغيير الكروي الحديث بالإنفتاح الهجومي الذي أحدثه جوارديولا تحديداً معتمداً على التيكي تاكا واشتقاقات الكرة الشاملة والتي بعد أن عاثت في كرة القدم هجوماً وجدت أمامها تياراً يبحث عن حلول دفاعية متينة مشابه بالفكرة للكرة الشاملة إلا أنها شاملة في الحالة الدفاعية بحيث يشارك المهاجم الأول قبل المدافع في الدفاع مع رسم " بلوكات" في الملعب كحواجز القلاع في حال تجاوز المهاجم حاجزا وجد آخر كان قد ساهم فيها مورينيو، هذا الصراع صاحبه اعتماد كبير على صنع المواهب الشابة ودمجها بالفرق مما شجع الفرق الصغيرة على تعلمه فكثرت المفاجأت في عالم الكرة وتضررت منتخبات كبيرة لم تواكب هذا التغيير، لعل أبرزها المنتخب الهولندي.



لا يختلف إثنان على قيمة المنتخب الهولندي ، بل أن هناك إجماع على أن المنتخب الهولندي هو الأقل حظاً كروياً على الإطلاق، فالكرة الهولندية على مدار تاريخ كرة القدم كانت مدرسة كروية قدمت أشكال مختلفة جميلة في كرة القدم وكان الإتحاد الهولندي يخطط دائماً ويبني شكلاً مميزاً للكرة الهولندية معتمداً على الأكاديميات الكروية في البلاد ولعل أبرزها حول العالم أكاديمية أياكس امستردام والتي كانت تمثل عصب المنتخب الهولندي.


نعود قليلاً إلى سبعينيات القرن الماضي حيث كان المنتخب الهولندي يحلم ببطولة كروية كبيرة تنصف ما قدمه، توازى هذا الهدف مع اعتماد مفهوم " الكرة الشاملة" الذي يعتمد على مقدرة أي لاعب أن يغطي مركز أي لاعب أخر مما يؤدي إلى خلق مرونة تكتيكية عالية ولا مركزية للاعب في الملعب مع الحفاظ على شكل الخطة في الملعب، الكرة الشاملة وإن كان نسبها غير واضح المعالم إلا أن خير من نفذها كان الهولنديين وتحديداً "ميخلزمدرباً وكرويف لاعباً" حتى وصل الأمر إلى تحقيق أياكس دوري أبطال أوروبا 3 مرات على التوالي معتمداً تلك الطريقة. على صعيد المنتخب قدمت الكرة الهولندية مستويات رائعة في تلك الفترة إلا أن النحس كان مرافقاً لها ففشل المنتخب في الفوز بلقب كأس العالم على الرغم من وصوله مرتين متتاليتين للنهائي في بطولة 1974 و 1978.


عادت الكرة الهولندية بعد غياب في العام 1988 محملاً بنجوم كروية مثل (فان باستين وخوليت ورايكارد وكومان) ساعياً لتعويض بسيط لفشل النسخة الأقوى بتاريخه بإحراز لقب، سارت الأمور بشكل جيد ووصلت الطواحين للنهائي لتلاقي المنتخب السوفيتي الذي كان قد هزم هولندا في الإفتتاح، حسمت هولندا النهائي يومها بهدف أقرب للإعجاز عن طريق فان باستن متوجا منتخبه بلقب اليورو، لقب وإن كان جميلاً إلا أن كأس العالم كان دائماً الغاية والغصة في القلب، استمرت عجلة المنتخب الهولندي بالدوران باحثة عن اللقب إلا أن الفشل كان نصيبه في كأس العالم 1990 وفي عام 1994 كان الحال مشابهاً فخرجت من البرازيل إلا أنها قدمت للعالم موهبة جديدة تسمى "بيرجكامب". في عام 1998 تكرر السيناريو .. منتخب قوي يقدم كرة جميلة وصل فيها لنصف النهائي بعد إقصاء الأرجنتين بهدف مميز لبيرجكامب إلا أن البرازيل وقفت مرة أخرى في الوجه و أفشلت طموح جيل "بيرجكامب ودايفيدز وكلويفرت ودي بوير وغيرهم".



لا جديد يذكر ولا قديم يعاد، فالثوابت كما هي متمثلة في أداء جميل وفشل في تحقيق اللقب وهذا ما حصل في يورو 2000 و 2004 و 2008، وصولاً إلى كأس العالم 2010 بقيادة روبن وشنايدر وفان دير فارت وفان بيرسي ويومها شعر الهولنديون أن الحلم أقرب من أي وقت مضى، كيف لا وقد أقصت البرازيل من طريقها قبل أن تصل للنهائي لاحقاً لتلاقي اسبانيا، إلا أن "الطبع يغلب التطبع" فجاءت الخسارة لتقضي على الحلم مرة أخرى في مباراة " انفرادات روبن الضائعة"، وليفشل المنتخب لاحقاً في 2014 ايضا بعد الوصول لنصف النهائي.



غاب المنتخب الهولندي عن الساحة في يورو 2016 و كأس العالم 2018 بصورة غريبة، غياب صاحبه شح في المواهب الكروية، فهولندا وإن غابت سابقاً عن البطولات الكبرى إلا أنها لم تعاني كما تعاني من شح المواهب الآن، كما أن الأندية الهولندية تراجعت حتى أياكس امستردام والذي وإن وصل نهائي اليوروبا ليج 2017 إلا أن تشكيلته الأساسية 4 لاعبين فقط من هولندا كما أن المنتخب بقي يعتمد على جيل 2010 فبقي روبن وشنايدر وكويت وغيرهم في تشكيلة المنتخب على الرغم من تقدمهم في العمرحتى أن "ريان بابل" لمن يذكره عاد إلى المنتخب ولك أن تتطلع على تشكيلة المنتخب الحالية لتفهم حجم المشكلة ، فتشكيلة المنتخب تخلو من النجوم الحقيقيين التي تلعب للأندية الكبرى كما جرت العادة في هولندا، ضف إلى ذلك التضخيم الإعلامي للاعبين لا يستحقون مما أدى إلى رفع سقف التوقعات والإبتعاد عن الواقعية، كرويف في عام 2010 حذر من مستقبل الكرة الهولندية قائلاً: " نحن نتخلى عن أنفسنا بالتخلي عن الكرة الشاملة".



اليوم تقف هولندا بعيدة جداً عن واقع كرة القدم، فالتاريخ وحده غير كافٍ للحفاظ على الوجود والتغيير في شكل الكرة إن لم يتم مواكبته بتخطيط محكم وتغذية المنتخب بالمواهب وإحياء الأكاديميات الكروية فإنه سيجرف من ينظر إليه دون رحمة ولنا في صفحات كرة القدم دروس عن منتخبات وأندية غابت عن الساحة بعد أن كانت تصول وتجول.



في كرة القدم لا يوجد كبير والتاريخ لا يكفي .. في كرة القدم تحتاج إلى فن إدارة التغيير ومواكبة التطور الكروي.




  • التعليقات: 0

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع الملاعب الرياضي بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع الملاعب الرياضي علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :