ما الذي يحدث لمحرز مع السيتي؟

جريدة الملاعب - حفيظ الدراجي
لا تزال وضعية رياض محرز مع مانشستر سيتي في أول موسم له تثير التساؤلات وعلامات الاستفهام في بعض الأوساط الكروية ولدى عشاق النجم الجزائري الذي يتصرف باحترافية عالية ولا يبدو عليه القلق والانزعاج تماما وكأنه يدرك بأن فترة التأقلم مع أحد افضل نوادي العالم ضرورية، وفي وقت قدم فيه المدرب غوارديولا الأسبوع الماضي اعتذارا علنيا للاعبه على عدم الاعتماد عليه اساسيا خلال الأشهر الثلاثة الماضية رغم المجهود الكبير الذي يقوم به في التدريبات، وهي وضعية لا تختلف تماما عن وضعية واحد من أفضل نجوم العالم وهو البرازيلي كوتينيو الذي لم يتأقلم مع البارسا رغم مرور أكثر من سنة على انضمامه في الميركاتو الشتوي ماقبل الماضي.

أغلب المحللين بدورهم يعتبرون الأمر عاديا وطبيعيا لوافد جديد على تشكيلة قوية منسجمة ومتعودة على اللعب فيما بينها وتتألق من أسبوع لآخر في كل المباريات خاصة أولئك اللاعبين الذين ينافسهم رياض في مناصبهم مثل برناردو سيلفا، رحيم ستيرلينغ، لوروا ساني، كيفن ديبروين، وحتى ايكاي غوندوغان ودافيد سيلفا، هؤلاء وأولئك انسجموا مع بعضهم على مدى سنوات ويصعب عليهم تقبل وافد جديد ينافسهم في مناصبهم، وقد لاحظنا في المباريات التي شارك فيها محرز كيف يجد نفسه معزولا عديد المرات دون كرات وهو أيضا أمر طبيعي وعادي حتى على هذا المستوى بحكم تعود الكوادر على بعضهم البعض، ومع ذلك تبقى أرقام محرز في أول منتصف موسم مع فريقه الجديد ملفتة ومؤكدة لقدراته ومهاراته.

المان سيتي لعب هذا الموسم 43 مباراة في جميع المسابقات شارك محرز في 36 منها من بينها 21 مباراة كاساسي، سجل فيها 10 أهداف وكان وراء 10 تمريرات حاسمة وهي أرقام تفوق بكثير أرقام لوروا ساني ورحيم ستيرلينغ وبرناردو سيلفا في مواسمهم الأولى مع السيتي حيث اكتفى ساني بتسجيل خمسة أهداف، وكان برناردو سيلفا احتياطيا الموسم الماضي ولم يسجل سوى ستة أهداف في الدوري بينما رحيم ستيرلينغ الذي كان متألقا مع ليفربول قبل الالتحاق بالسيتي لم يسجل في موسمه الأول سوى ستة أهداف ولم يتأقلم مع الأجواء سوى مع بداية هذا الموسم ليشكل رفقة ساني، برناردو سيلفا وأغويرو رباعيا يصعب منافسته في مراكزهم مقارنة بسابقيه مع المان سيتي تبدو أرقام رياض محرز أفضل من أرقام ساني وسيلفا عند التحاقهم بالنادي لذلك نجده مرتاحا رغم عدم مشاركته أساسيا في أغلب المباريات لأنه يدرك حجم النادي الذي يلعب فيه وحجم التحديات التي تنتظره مع واحد من أكبر الأندية في العالم والتي تتطلب مزيدا من الصبر والجهد والوقت للتأقلم مثلما قال مدربه غوارديولا في تصريح له وهو الذي أصر على استقدامه منذ الموسم الماضي بأكثر من ستين مليون يورو ليجد نفسه مظطرا لابقائه في كرسي الاحتياط لأن آلة السيتي تعمل كما ينبغي ولا يمكن تعطيلها أو ادخال تغييرات جوهرية عليها في الوقت الراهن، وهو النهج الذي كان سيسلكه أي مدرب في مكان غوارديولا.

محرز أبان عن احترافية عالية في التعامل مع الوضع وتحلى بقوة ذهنية كبيرة لا يملكها الكثير ممن سبقوه لذلك لم نسمع ولم نشعر بأنه قلق أو منزعج ويريد المغادرة مثلا خاصة بعد استفادته من تجربته السابقة مع ليستر عندما أصر على المغادرة ليس لأنه لم يكن يلعب ولكن لأنه كان يبحث عن تحديات أكبر مع فريق كبير ينتقل معه الى مستوى أفضل بعدما حقق مبتغاه مع ناديه السابق ليستر الذي لم يشارك معه في موسمه الأول أساسيا ولم يسجل معه سوى ثلاثة أهداف عندما التحق به في الميركاتو الشتوي لسنة 2014 قبل أن ينفجر في موسم التتويج سنتان من بعد ويسجل 17 هدفا في الدوري ويتوج بلقب أفضل لاعب في الدوري الانكليزي الممتاز، ويحتل المركز الثاني في ترتيب هدافي الدوري، ويتوج اثرها بجائزة أفضل لاعب في افريقيا.


كل هذه التتويجات السابقة والأرقام الحالية تدفعنا للقول بأن بداية مشوار محرز مع السيتي «عادية» للاعب غير عادي، ستكون عودته المنطقية الى التشكيلة الأساسية بانتظام بمثابة ورطة للمدرب غوارديولا مع الركائز الذين يتألقون من أسبوع لآخر حتى أن بعض المحللين الانكليز ذهبوا إلى حد اعتبار تألقهم المستمر سببه مجيئ محرز وازدياد حجم المنافسة بينهم، وهو الأمر الذي جعل المدرب في أريحية والمستوى الفردي والجماعي يرتفع والنتائج الجيدة تتوالى ، غوارديولا في قرارة نفسه فرح بالمنافسة على المناصب ومالها من دفع إيجابي على الفريق، وفرح أيضا بما يملكه محرز ولم يجد المدرب الإسباني خجلا من التصريح علنا بأنه أخطأ في حق محرز فجودته لاتغطى من منظور مدربه، فمثلما كافح محرز للوصول إلى إنكلترا وخروجه إلى الأضواء رفقة ليستر بعد طول انتظار، الأكيد سيفعل ذلك مع السيتي لأن العائد من الرماد يكون أكثر حرارة.