جريدة الملاعب -

الملاعب - عندما سحبت قرعة تصفيات كأس العالم 2014 عن قارة آسيا وحل لبنان إلى جانب المارد الكوري الجنوبي صاحب التخصص في تمثيل آسيا، والكويت والإمارات تساءل الجميع عن المنافس الثاني لكوريا ما عدا لبنان باعتباره الحلقة الأضعف.
وعند بدء التصفيات كشر الكوريون عن أنيابهم وسحقوا اللبناني 6 – 0 في ليلة ممطرة ذات خريف على مقياس كوريا الجنوبية.. ومن بعدها فتحت شهية الكويتيين والاماراتيين على منافسة المارد الأحمر في تمزيق الشباك اللبنانية سيما وأنهما فازا بست أهداف ودية قبل التصفيات مع إشكال حربي بين الأشقاء الكويتيين واللبنانيين في المدينة الرياضية.
ولكن منتخب لبنان انتفض على نفسه في المرحلة التالية ولم يسمح لأحد أن يجعل منه "أضحوكة" المجموعة، بل كان عنواناً بارزاً في الصمود والتصدي وكان هو صاحب الضربة الاستباقية وقلب الطاولة على الجميع حتى نام خاسراً وصحا متصدراً.. ويا لها من أيام عجيبة غريبة وهذه كرة القدم باستدارتها تدير ظهرها لمنتخبات عريقة وتبتسم لمنتخب لبنان الطري العود..
شكراً ثيو بوكير.. كلمة قالها الجمهور اللبناني الذواق للمدرب الألماني الذي أعاد لمنتخب لبنان زمن ثعلب الصحراء، إبن جلدته، روميل الذي "شيّب" الانكليز في صحراء افريقيا، فكان ثعلب الكرة اللبنانية بوكير هو من شيّب مدربين ولاعبين واداريين وأطاح بالرؤوس خارج أروقة اتحادات بلادهم وغير وجه خارطة الكرة الآسيوية واضعاً منتخب بلاد الأرز بين الكبار لأن اللبناني أعتاد أن يكون كبيراً في أحلك الظروف وأصعب اللحظات.
الخطوة التالية هي مباراة فاصلة مع الإمارات ليصل لبنان إلى الدور الحاسم وبعده لكل حادث حديث، فمن تخطى أصعب المراحل واعتاد خوض المعارك الشرسة على غرار جبهة كوريا الجنوبية في محور المدينة الرياضية وكذا الأبيض الإماراتي، والعودة بفوز طعمه سُكر من العاصمة الكويتية لا يجعل المنتخب ينأى بنفسه عن خوض معارك أشرس في المراحل المقبلة، إذا ما تم التأهل المتوقع، أمام أستراليا وقطر وإيران وأوزبكستان واليابان وسواهم، فالحلم ليس ببعيد والحلم يمكن له أن يتحقق ويمكن أن يذهب سراباً.
منتخب لبنان إذا ما وصل إلى البرازيل فسيكون مونديال استثنائي لهذا البلد الصغير، أتدرون لماذا، لأن المنتخب حينها ليس بحاجة لنقل متفرجين من بيروت إلى ريو دي جانيرو أو ساو باولو أو ماناوس أو باهيا أو أي ولاية باقية.. فجمهوره في البرازيل "حاضر ناضر".. ويده على الزناد، وجاهز تحت الطلب لأن البرازيل فيها متحدرين من أصل لبناني وربما وجد 11 لاعباً من أصل لبناني يدافعون عن ألوانه إلى جانب النسور التي أوصلت لبنان إلى مراحل متقدمة فلا يمكن أن ننسى جهود يوسف محمد وتعبوية رضا عنتر وشحن رامز ديوب وصراخ زياد الصمد وحرفنة حسن معتوق ومصداقية عباس عطوي وأناة بلال شيخ النجارين وتمرد هيثم فاعور وفدائية محمد باقر يونس.. ونجومية باقي الرفاق في الذهاب بعيداً في مشوار التصفيات.. فأهلاً بالبرازيل إذا ما استكمل الحلم، والجالية اللبنانية بالانتظار.
لبنان في البرازيل.. ولبنان في قلب البرازيليين فهم يحبونه ويحبون أفضال أهله على بلدهم، ويحبون أن يمزجوا سمباهم مع الدبكة.. الحلم ليس ببعيد وان لم يتحقق فيكفي أنه كان زهرياً فأصبح وردياً وبقي وردة بيضاء ناصعة في منتصف الطريق، طريق التصفيات، مشوار العذاب ودرب الجلجلة التي انحنت فيها منتخبات وأطلت منتخبات برأسها من بين الركام والأنقاض.
سنكتب للتاريخ والتاريخ سيكتب اسم لبنان إذا ما وصل إلى المونديال ليس المهم أن تربح في المونديال ولكن الأهم أن تربح شرف المشاركة في المونديال ويربح المونديال ووجودك ولو لمرة واحدة.
فسجل يا تاريخ منذ الأن وعدد معي مآثر لبنان الصغير بأحقيته بالعيش، فكرة القدم والمنتخب هما المتنفس، والمارد الذي خرج من القمقم إلى القمم واشرأب برأسه عالياً.
إنها كرة القدم بحلوها ومرها، لا تعترف دوماً لأصحاب التاريخ العريق بل تبتسم لمن يبذل العرق والجهد ولمن يجتهد في العمل. من دون أن ننسى المنتخب الكويتي "الأزرق" الذي يبدو طامحاً بقوة ومصر على مرافقة منتخب لبنان فهو يسعى للعودة بفوز أكيد من قلب العاصمة الكورية سيول ليعزز طموحه بالتأهل.