جريدة الملاعب -
تأجيل 6 مباريات من جولة واحدة بالدوري الإيطالي... يوفنتوس وميلان بنصف نهائي كأس إيطاليا مؤجلة حتى إشعار آخر... مباريات "فالنسيا وأتالانتا" و"خيتافي وإنتر" أصبحت دون جمهور ومباراة برشلونة مع نابولي مرشحة للسير بذات الاتجاه... في إنجلترا تم رفع مستوى التأهب والدوري الإنجليزي بخطر... في إيطاليا هناك دراسة لتأجيل كل المنافسات الرياضية لشهر كامل!
كل هذه العناوين يمكننا اختصارها بجملة واحدة: الكورونا تضرب كرة القدم الأوروبية كما ضربتها بآسيا مع تأجيل عدد كبير من المباريات ببطولتي دوري أبطال آسيا وكأس الاتحاد الآسيوي لكن هل سيتم السماح لكورونا بالتمادي أكثر في ملاعب كرة القدم؟

تمثل صحة اللاعبين والجماهير أمراً أساسياً بكل تأكيد لكن في كرة القدم تُصرف المليارات كحقوق نقل وتسويق للبطولات المختلفة عدا عن مداخيل الملاعب والاستفادة من السياحة الرياضية الناتجة عن سفر الجماهير لمتابعة البطولات فهل يقبل أصحاب المليارات بالانصياع خلف الكورونا؟
قد يقول البعض أن إنسانية الأوروبيين تفوق كل شيء ولن يجازفوا بتعريض أي شخص للمرض لأي سبب لكن كرة القدم تمثل رئة مهمة لاقتصاد الكثير من الدول فكيف سيتم التعامل مع الأمر؟ لماذا لم يتم التعامل بالتساوي مع العديد من الأحداث؟
قبل الكلاسيكو تم تسجيل حالات إصابة بالكورونا في مدريد وكاتالونيا لكن الكلاسيكو أقيم بموعده على عكس العديد من المنافسات الأخرى التي تم تأجيلها بسبب المرض! وزير الصحة بإسبانيا طالب بإلغاء الحضور الجماهيري عن 3 مباريات أوروبية وفعلاً تم إلغاء الحضور رسمياً بلقاءي فالنسيا مع أتالانتا وخيتافي مع إنتر بالوقت الذي لم يلقى فيه قراره بمنع حضور الجمهور للقاء برشلونة ونابولي ذات أصداء القبول الفوري ولم تتم الاستجابة لنصيحته حتى الآن بدليل على أن التعامل مع مباريات كهذه لا يمكن أن يتم بطريقة المباريات الأخرى!
في إيطاليا يدرسون تعليق النشاط الرياضي لشهر لكن منذ الآن بدأ التذمر بالظهور وإنتر أعلن موقفه برفض لعب لقاء يوفنتوس قبل خوض مباراة سمبدوريا المؤجلة لذات السبب! كل هذه دلائل تشير لبدء ظهور تدخل واضح من أجل مواجهة خطر امتداد الكورونا ومنعه من التأثير على الفعاليات الكبرى اقتصادياً.
في فرنسا تم تأجيل سباق نصف ماراتون كان من المفترض إقامته بباريس حتى إشعار آخر لكن لم يتم حتى الآن الحديث عن أي من مباريات سان جيرمان ولا عن لقاء الباريسي مع دورتموند بدوري الأبطال! إشارة أخرى إلى عدم التعامل مع كل الأحداث بذات الأسلوب.
قبل حوالي 3 أشهر ونصف من انطلاق أمم أوروبا خرج الاتحاد الأوروبي ليؤكد أن البطولة ستقام بموعدها بكل الأحوال وكأن مستقبل انتشار الفيروس خلال الفترة التالية واضح بالنسبة للمسؤولين! بالواقع لا يبدو هذا الأمر صحيح من الجانب الصحي لكن الاتحاد الأوروبي خائف من تردد الأشخاص حول تحديد سفرهم لمتابعة البطولة فخرج ليطمئن الجميع حول مستقبل البطولة.
أمر إقامة أمم أوروبا لا يتعلق فقط بالمسؤولين فقط فماذا لو تفاقم الأمر بالفترة القادمة واضطر الاتحاد الأوروبي نفسه لتعليق مباريات بدوري الأبطال وكأس الاتحاد الأوروبي؟ هل سيكون قادراً على إقامة أمم أوروبا بحينها فعلاً؟ يبدو أن الجواب هو "أمم أوروبا ستقام تحت أي ظرف وتأجيلها غير ممكن فالمليارات ستُدفع هنا وتأجيل البطولة غير ممكن تحت أي ظرف".
تأجيل المباريات وضغطها هو شيء لا يرضي المستثمرين بكل تأكيد لأن الضغط يعني المزيد من مباريات منتصف الأسبوع والمزيد من الضغط في الجدول عدا عن إمكانية نقل مباريات لما بعد أمم أوروبا والتغيير بمواعيد النقل التلفزيوني المدروسة مسبقاً ومواعيد المسافرين الذين ستقل أعدادهم حين يتم التأجيل... كل هذه ستشكل خسائر مادية هائلة لن يرضاها التجار الكبار.
يعيش العالم، وتحديداً أوروبا، تحت خطر انتشار الفيروس لذا قامت العديد من الشركات الكبرى بمطالبة موظفيها بالعمل في منازلهم بمن فيهم موقع التواصل الاجتماعي العالمي "تويتر" لكن كرة القدم مازالت تقاوم وتخاطر بجمع أعداد كبيرة من الجماهير لمتابعة الأحداث الكبرى ومن هنا يمكننا الحصول على دلالة جديدة حول مقاومة مسؤولي كرة القدم للفيروس رغم كل التأجيلات التي شاهدناها.
في إيطاليا تم اتخاذ خطوة للأمام بتأجيل لقاء إنتر ويوفنتوس بالواقع كان الهلع نتيجة بداية انتشار المرض أكبر من قدرة المسؤولين على تفادي الأحداث لكن بعد الآن يبدو أن المنظمين سيبحثون عن أي قرار يضمن وضع روزنامة تناسب الرعاة وأهدافهم أساساً تأجيل لقاء يوفي إنتر ورفض إقامته دون جمهور لم يكُن إلا حدثاً تجارياً بظل عدم رضا المسؤولين عن فكرة مرور لقاء كهذا دون تحقيق مكاسب تجارية كبيرة.
تحدد عوامل "الأرض" و"خارج الأرض" مصير العديد من الأندية بالبطولات الأوروبية فقبل أسبوعين كان كلوب يتوعد لأتلتيكو بالرد حين يلعب أمام مدرجات أنفيلد بعد أن تكبد فريقه هزيمة أمام جماهير واندا ميتروبوليتانو وبمباريات كهذه لا يمكن قبول إجراء مباريات دون جمهور لأن هذا سيغيّب مبدأ المساواة بين الأندية هذا إن أردنا التحدث من ناحية رياضية بعيداً عن الحديث اقتصادياً وتجارياً.
الكورنا بمواجهة المليارات... صراع يبدو أننا سنتابع أحداثه بتشويق كبير بالفترة القادمة فهل ينتصر الجانب الإنساني بمقاومة الفيروس؟ أم أن الحسابات الرياضية والتجارية ستقتضي البحث عن حلول إسعافية تمنع خسارات مادية هائلة للمستثمرين؟