جريدة الملاعب - عبد الحافظ الهروط
النجم العراقي احمد راضي الوسيم والموهوب في كرة القدم عُرف عنه رياضياً وليس سياسياً وأظن انه ادرك بأن ٩٠ دقيقة أمضاها في الملعب قد استمتع بها أكثر من كل السنوات التي زج بها نجوميته في معترك السياسة حيث كان عضواً في مجلس النواب العراقي ٢٠٠٨.
واجزم ان احمد راضي رحمه االله كانت شهرته الرياضية هي التي أوصلته الى القبة النيابية، بهدف ان يشرّع مع مناصري الرياضة ما يخدم العملية الرياضية لتعود الى سابق عهدها.
وعند الحديث عن الفقيد النجم العراقي فإن سيرته ظلت في علوّها فلم تهبط الى دكة الاحتياط او الاستغناء عن خدماته ليكون الاعتزال فقط لتكريمه ذلك ان ابن الرافدين ولد نجماً والى ان غادر الحياة.
ذهب مطلع التسعينيات وفد رياضي اردني يمثل الجامعات الاردنية الى العراق وعند نقطة حدود البلدين كان رجل الامن العراقي يمسك جوازات سفرنا بالجملة ويمهرها بالختم دون تدقيق وقال رجل آخر وباللهجة العراقية المضخمة هلا بإخْوتْنا الأَرْدُنيّين، هلا بالنشامى، واالله إنتوا وابو عبداالله، كلكوا على روسنا».
وصلنا بغداد ويا لها من حفاوة وتكريم رغم الظرف فقد كان العراق يعيش حالة حصار، ذهب الوفد الى منطقة الجاذرية في بغداد حيث كلية التربية الرياضية ليبدأ تدريباته، وفي المبنى كان النجم احمد راضي يختال فيها، ناداه احد مدرّسيه قائلاً: الحمد الله ع السلامة كابتن..رد عليه الفتى المدلل بوّد، ثم قال المدرس «خلينا نشوفك عيني ».
ضحك الطالب الوسيم ومضى، قلت دكتور: الكابتن يدْرس بالكلية ؟ قال «يدْرس وماكو دوام.. متفرغ للمنتخب».
احتراماً للوفد الاردني حضر عميد الكلية لمتابعة التدريبات وليطمئن على وضع إمكانيات الكلية تحت تصرف الفرق فقلت هذه فرصة لأغتنمها، فتحدث عن العلاقة الاردنية العراقية بما فيها الرياضية ولكنه فاجأني بالحديث عن الكلية ومبانيها الضخمة التي تفوق مباني جامعات وكذلك الملاعب الحديثة وأن هذه المرافق هي مرحلة من اربع مراحل ستقوم ألمانيا بإنجازها وقد كلفّت المرحلة الاولى نحو ٧٥ مليون دولار.
بعد سنوات قابلت الهداف الآسيوي في احد فنادق عمان البسيطة لإجراء حوار معه، وجدته منزعجاً لحضور الجماهير العراقية واستمرار الأنشطة الرياضية في بغداد تحديّاً للغزو الاميركي وهو ما يعرّضها للقصف، يومها قال » مثل هذا الشيء انتحار وللدعاية الاعلامية ».
مواقف مفصلية وحاسمة وقفها الاردن مع العراق وفي مختلف المجالات، فعلى الصعيد الرياضي كان الاردن البلد العربي الوحيد الذي يستقبل الفرق والمنتخبات العراقية وكان المنتخب العراقي لكرة القدم يختار عمان لإجراء تصفياته بكأس العالم، قال المسؤولون العراقيون: نلعب على ارضنا في عمان وامام جمهورنا الاردني، وقال النجم، رئيس الاتحاد العراقي السابق حسين سعيد ممازحاً الصحافيين الاردنيين حول مباراة تجمع منتخبي الاردن والعراق على ستاد عمان » نلعب معكم مناصفة على الأرض ومناصفة بالجمهور ».
الحكومة الاردنية ابدت استعدادها لمعالجة نجم العراق فكان الموت اسرع لتحتضنه بغداد في بطنها وهو الذي كان فوق ترابها يسعد الجماهير، ففاضت وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عربياً ودولياً بالحزن والإشادة بأداء واخلاق العملاق .. نجم العراق.
يرحمه االله.