جريدة الملاعب - حسام المجالي
يواجه اتحاد كرة القدم تحديات جديدة تتعلق هذه المرة في الجانب الصحي بعد أن ضربت جائحة كورونا النشاط الرياضي وبمختلف الألعاب في المملكة، كما هو الحال في بقية دول العالم وفي كافة القطاعات الرياضية والحياتية والاقتصادية، مع الاختلاف في آليات التعامل بالتصدي للجائحة وتباين في نجاعة الإجراءات بين دولة وأخرى.
يمكن القول أن اتحاد الكرة في وضع لا يحسد عليه، فقبل أن تطل الجائحة برأسها على الواقع المحلي بداية آذار الماضي، كانت أحوال كرة القدم ليست على ما يرام، فتأجيل انطلاق الموسم لحوالي 8 شهور والأزمة المالية التي تعاني منها الكرة الأردنية من اتحاد وأندية وتوجه الأخيرة إلى تعليق مشاركتها لأسباب تتقدمها الأمور المالية بعد انسحاب الراعي الرسمي السابق لبطولات الاتحاد مجموعة شركات زياد المناصير، عوامل جميعها كادت أن تعصف بمسيرة الموسم الكروي، قبل أن تنقذ الجائحة الموقف -إن جاز التعبير- ليتم تأجيل دوري المحترفين بعد إقامة جولة واحدة من منافساته.
وبعيداً عن الضرر الواسع الذي لحق بأندية المحترفين وأربك حساباتها الفنية والمالية بشكل كبير، وفي ظل تسارع وتيرة انتشار الفيروس وارتفاع عدد الإصابات بصورة ملحوظة في الآونة الأخيرة بين لاعبي الأندية، وجد الاتحاد نفسه أمام مهمة جديدة، هي ليست فنية ولا إدارية، وإنما صحية، لمواجهة تداعيات الجائحة من خلال اتخاذ الاجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية للمحافظة على منظومة وسلامة أركان اللعبة وعبر وضع بروتوكول صحي يحدد التعليمات والواجيات والمهام لتسيير شؤون إدارة مباريات الدوري.
ولأن القضية صحية بحتة، وفي غاية الأهمية وتتعلق بسلامة وصحة اللاعبين والمدربين والاداريين والحكام والكوادر المشرفة على المباريات، تبرز الفحوصات المخبرية كأحد أهم العوامل الرئيسية في التصدي للجائحة ومنع ارتفاع وزيادة الاصابات.
بذل الاتحاد جهوده ومساعيه للمحافظة على السلامة العامة لمنظومة اللعبة، في ظل إصراره على استدامة النشاط الكروي وإنهاء الموسم قبل نهاية العام الحالي رغم ازدياد سوء الحالة الوبائية، وبعد التعديلات الجديدة على البروتوكول الصحي التي فرضها ارتفاع وتيرة الانتشار السريع للاصابات في المملكة، والتي شملت العديد من الامور تضمن من خلالها استمرارية المباريات والتأكيد على اقامتها حتى في حال وجود اصابات بين اللاعبين والاكتفاء بغيابهم وأن لا يقل العدد في الكشف الرسمي للمباراة عن 15 لاعباً بمن فيهم حارس المرمى على الأقل، وغير ذلك يتم التخسير بنتيجة (0-3)، كما يستطيع الفريق الأول الذي تثبت فيه العديد من الإصابات الإعتماد على كامل لاعبي فريق ت 20، و7 لاعبين من فريق ت 17، وغيرها من تعليمات تنظيمية، الا أن هذه التعديلات لم تحسم الجدل حول اعتماد الفحص الرسمي أم الخاص سواء ً للاثنين أو أحدهما، والذي على ضوءه تتحدد مدة الحجر، ليبرز التساؤل التالي: من يتحمل مسؤولية تناقض وتضارب نتائج فحوصات اللاعبين وكذلك المدربين والاداريين والتي تكررت في العديد من الحالات؟.
أهمية هذا التساؤل تندرج على مخاطر قد يتعرض لها أركان اللعبة وتهددهم وأسرهم ومخالطيهم، اذا ما تم معالجة الأمر وبشكل سريع وعاجل، فحياة الأشخاص أهم من أي اعتبارات أخرى ومهما كانت قيمتها وأهميتها.
وفي ظل خطورة الوضع الوبائي فأن الأمر بات يتطلب تحديد آلية عمل واضحة وفق معايير لا تحتمل الخطأ، تحسباً لانتقال العدوى لمصابين جديد تهدد حياتهم للخطر.
المعطيات السابقة والمتعلقة بالفحص واعتماده من قبل اتحاد الكرة عملت ارباكاً لدى البعض، ذلك أن الاتحاد الذي يعتمد فحوصات فرق التقصي الوبائي ووزارة الصحة، لم يعتمد بعض الفحوصات التي أجريت في المختبرات الخاصة قبل أن يعتمد عدداً منها، إلأى جانب اشكالية النتيجة وخاصة الايجابية للفحص الرسمي والسلبية للفحص الخاص أو العكس واختلافها أيضاً عند اعادة فحص وزارة الصحة من قبل فرق التقصي الوبائي، وما تبع ذلك من مشاركة لاعبين كانت نتيجتهم الأولى إيجابية في تدريبات ومباريات بعد اعتماد فحصهم الثاني، وما قد يترتب على ذلك من مخاطر تفاقم من الأزمة الصحية.
وبحكم أن القضية تتعلق في الجانب الصحي، ودور الاتحاد فيها تنظيمي وتنفيذ تعليمات البروتوكول الطبي المعتمد من قبل لجنة الأوبئة بوزارة الصحة، يتوجب على الاتحاد إعادة النظر بآلية تعامله في اعتماد نتائج الفحوصات والتعامل مع الجميع وفقاً لتعليمات محددة وواضحة وبعيداً عن التدخلات والاجتهادات الشخصية، والتواصل مع المختصين المعنيين للوقوف على أسباب اختلاف النتائج وتناقضها، وكيفية التعامل مع مثل هذه الحالات، للتصدي بحزم لانتشار الفيروس في أوساط اللعبة وبالتالي المحافظة على سلامة المنظومة العامة.
الفترة السابقة كشفت آراءاً متفاوتة ومشاهد عديدة تضرب مساعي الاتحاد لتحقيق متطلبات السلامة العامة، وتشير إلى ضرورة الإسراع في معالجة الموقف لتفادي وتدارك خروج الأمور عن مسارها الصحيح وفقدان السيطرة في التعامل مع الوضع الوبائي لا قدر الله.
وجسدت مواقف عديدة تفاوت الآراء حول تناقض نتائج الفحوصات، ومن بين هذه المواقف، أحد اللاعبين كان قد أجرى فحص «بي سي آر» بإشراف وزارة الصحة وجاءت نتيجته سلبية وتم استدعائه للمنتخب وظهرت نتيجته ايجابية قبل أن يجري فحصاً خاصاً كشف عن نتيجة سلبية، ليغيب اللاعب عن ناديه والمنتخب، وهنا تبرز خطورة مشاركته مع تدريبات فريقه بعد الفحص الأول واختلاطه مع زملائه وعائلته وأصدقائه في حال كانت النتيجة صحيحة 100%، الأمر الذي يثير الغموض والشكوك والقلق والحيرة ويستدعي الحاجة الى أسس صحيحة مبنية على معايير علمية وصحية لا لبس فيها.
وفي موقف آخر كشف فحص لأحد مدربي أندية المحترفين عن نتيجة إيجابية، قبل أن يجري فحصاً آخراً، لكن هذه المرة في مختبر خاص ويحصل على نتيجة سلبية ليعود لقيادة الفريق قبل انتهاء مدة الحجز المنزلي والتي كان خضع لها بناءً على نتيجة الفحص الأول.
وعلى الرغم من إيجابية الفحص لعدد من لاعبي بعض الأندية فإن التدريبات شهدت مشاركتهم وبموافقة المدربين، في موقف جديد يشير الى التشكيك بالنتائج والاستهتار وعدم الالتزام بالتعليمات والارشادات، الأمر الذي يتطلب المزيد من المتابعة والرقابة وفرض العقوبات بحق المخالفين وفق بنود البروتوكول الصحي.
المنحنى الخطير في انتشار الفيروس وظهور دراسات تشير الى وجود ما نسبته 40% من المسحات الأنفية المأخوذة خلال الأيام الأولى من الاصابة عادة ما تكون سالبة وتسمى بالسالب الكاذب، ما يتطلب إعادة اجراء المسحة مرة أخرى لهذه الفئة من المصابين، اضافة الى متابعة تطورات الوضع الوبائي والحاجة الماسة والضرورية لتفسير أسباب تناقض الفحوصات والحصول على آراء طبية دقيقة حيال هذا الموضوع وصولاً لتحديد آلية واضحة لاعتماد النتائج وتعزيز الجهود الرامية الى سلامة الجميع من الوباء العالمي.
وأخيراً.. برزت في الآونة الأخيرة مطالب للأندية بإعادة النظر بالإجراءات والخطوات المتبعة من قبل اتحاد الكرة، وخاصة فيما يتعلق بتحديد مواعيد الفحوصات الدورية منعاً للارباك وقلق الكوادر التدريبية، وكذلك اعلان النتائج في أوقات مناسبة وعدم التأخر بها لتجنب التغييرات الطارئة على تشكيل الفرق، وضرورة الاسراع في الكشف عنها وقبل خوض اللاعبين لمباريات جديدة لمنع انتقال العدوى، حيث أن الكثير من اللاعبين تظهر نتائجهم بعد مشاركة فرقهم باللقاءات، إضافة الى اتخاذ كافة الترتيبات اللازمة، والتقليل قدر الامكان من التأثيرات السلبية للجائحة وتداعياتها الفنية.