حدثني صديقي العزيز أسامة أبو غانم وهو رئيس قسم التصوير الرياضي في صحيفة الإمارات اليوم عن مشاعره الفياضة وشعور النشوة الذي اعتراه نتيجة فوز فريقه المحبوب برشلونة على غريمه الأزلي ريال مدريد في مباراة القمة الأخيرة التي احتضنها الأحد معقل النادي الملكي سنتياغو بيرنابيو.
شعرت بالغبطة والسعادة لحاله، فصديقي هذا نادرا ما يبتسم أو حتى يتحدث إلى الآخرين بطلاقة وانفتاح.. أمضى شبابه في أميركا وأحترف التصوير ثم عاد إلى بلاد "العرب أوطاني" ليمارس العمل الذي أحبه طوال حياته ويستقر به الحال في دبي الغالية.
ولكن.. بعد فترة من الحديث انعطف بنا الحال إلى مناقشة مقالي السابق وكان عنوانه "فقط في إسبانيا: الشوط الثاني شوط الحكام" والذي أوردت فيه عبارة أنني أعتقد (ولا أجزم كوني لست خبيرا تحكيميا) بأن ركلات الجزاء الثلاث وحالة الطرد التي أمر بها حكم اللقاء ليست صحيحة، مع أنني أشرت أيضا إلى أن هذا مجرد رأي شخصي وعلي أن أحترم تقديرات الحكم، لأنه ليس من صميم معرفتي تقييم تلك القرارات.
صديقي العزيز خالفني الرأي بشدة وقال أن الحكم كان رائعا بكل المقاييس وأدار اللقاء على خير ما يرام، ولو أن حكما غيره ضعيف الشخصية أدار اللقاء لما خرجت المباراة إلى بر الأمان، مشيرا إلى أن خطأه الوحيد "البسيط" في المباراة كان احتساب ركلة الجزاء لرونالدو لأن العرقلة تمت خارج منطقة الجزاء.
عجبت لك يا زمن.. الآن أصبح الحكم الذي يحتسب ركلة جزاء بهذه الفجاجة والوضوح.. حكما رائعا بكل المقاييس، ولو اعترفنا أن هذا الهدف غير الشرعي لريال مدريد هو الخطأ الوحيد للحكم في المباراة، فهل يستحق الإشادة والثناء من عشاق فريق برشلونة ومن خلفهم الاتحاد الاسباني لكرة القدم لأنه منح ريال مدريد هدفا ليس شرعيا.. أين المنطق؟.. وأين غابت الموضوعية؟.
عرجنا وأنا وصديقي بعد أن هدأ النقاش قليلا للحديث عن نقطة أخرى مثيرة للجدل، وهي سلوك اللاعبين وخصوصا واقعة بيبي وماسكيرانو فإذا بالأمور تنعطف مرة أخرى نحو التصعيد، فليس من المنطقي أن أكيل عبارات المديح والثناء على ماسكيرانو لأنه داس بحذائه على رأس بيبي انتقاما لواقعة قديمة حتى مع اقتناعي أن بيبي ليس لاعبا محترما.
هناك حقيقة غائبة عن عشاق برشلونة هذه الأيام، وربما بسبب نشوة الانتصار، وهي تغيب أيضا عن عشاق ريال مدريد في ذات الظروف والأحوال، وهي أن المبادئ لا تتجزأ والأخلاق لا تتقسم، فلا يجوز لمن يحترم عقله أن يصفق على واقعة دهس بالحذاء، مهما كانت الأسباب والخلفيات.