جريدة الملاعب -

ما تزال المشاهد المؤلمة، وغير الصحية للعبة كرة اليد، تحوف بها، بل وتكسيها بشكل لافت، دون ان يكون هنالك أي تحليل واقعي للمشاهدات السابقة، للتعرف من خلالها على الاخطاء والعثرات التي ادت بالرياضة الى منحدر «عنيف»، يصعب الخروج منه.
المفروض من الاتحاد ان يكون اكثر ادراكاً لواقعه، ويبتعد عن «الطبطبة» في علاج القضايا العالقة، فالامر لا يحتاج للمزيد من النزف، ونقصد في تراجع مستوى كرة اليد محليا وعربيا ودوليا، فمجلس الادارة في قراره الاخير بالموافقة لاندية النساء على تعديل نظام الدوري باقامته من مرحلة واحدة، يثبت انه ينتهج ذات السياسة والتي كانت ساهمت في هبوط المستوى العام للعبة على مدار السنوات الاخيرة.
نذكر الاتحاد انه جلس مثل هذه الجلسات مع الاندية في سنوات سابقة، بعد ان كنا استبشرنا خيراً بنهج كان قد تبناه، باطالة الموسم بحيث لا يقتصر على شهرين ونصف الشهر، واستحداث بطولات جديدة للكبار والفئات العمرية، الهدف منها تطوير الاداء العام للاعبين وهو ما ينعكس ايجابا على مستوى اللعبة، لكن ماذا حدث!، وهل جاء الخير!.
ما وصلت اليه كرة اليد، يعتبر اجابة واضحة، لا تحتاج الى مفسرين او الاستعانة بـ علماء لتشخيص القضية، فالشمس لا تغطى بغربال، فالقرارات بقيت مجرد «حبر على ورق»، الية عملية التنفيذ معطلة، والرضوخ للاقتراحات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، يؤخذ بها على حساب نهج التطوير، خصوصا اذا تحول الهم لايجاد «ثلة» من الاندية حول الاتحاد لعدم خسارة المناصب، بحل مجلس الادارة.
واقعة تقليص الموسم، اوتعديل نظام البطولات، اضحت سيناريو يتكرر كل موسم، دون دراسة الفائدة الفنية من وراء ذلك.. فهل يعقل ان تسهم اربع او خمس مباريات لفئة معينة، خاصة اذا كانت من فئة الكبار بالارتقاء بالمستوى العام للعبة! وهل هذا العدد من اللقاءات كفيل بافراز البطل الحقيقي!، وهل تكون فرصة مثالية للاجهزة الفنية التي تعمل بالاتحاد لاختيار عناصر المنتخبات وتجهيز «العتاد» بعدها للانطلاق لمشاركات خارجية ايجابية على صعيد التنافس، وليس على صعيد الرحلات بعد كل خسارة وزيارة الاماكن السياحية «راحة واستجمام»!.
ان اخفاق الاتحاد بتطبيق تعلمياته ونظام بطولاته كان من عمل يده، فهو الذي جعل الباب مفتوحاً امام الاندية للتعديل واختيار الامر الذي يناسبها، دون التمسك بهدفه للعودة بكرة اليد الى الاضواء من جديد، ليجني الاخفاق تلو الاخر، في دلاله على عدم الاخذ بالتجارب السابقة فالمؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين، الا ان الاتحاد اعتاد على ذلك واصبح عنده ترياق العلاج المباشر، والا لما كان وافق للاندية التي تشارك بدوري النساء باقامة البطولة من مرحلة واحدة، بالوقت الذي تحتاج فيه الاندية بعد فترة توقف الى بطولة من مرحلتين واستحداث مربع ذهبي، واخرى تصنيفية لزيادة الاحتكاك ورفع كفاءه اللاعبات الفنية، لا ان نمر مرور الكرام من فوق صفحات المشاركة، دون جني الفائدة وتطوير اللعبة وكوادرها.
اخيراً، يدرك الاتحاد ان عودة النبض للعبة يحتاج الى نفس طويل، فهي قد انهارت على مراحل وامام عينيه، دون ان يقدم الدواء المناسب، بل كان في كل مرة يحدد الجرعات دون تحديد صنف العلاج، وفي اول «هبة هواء» كان يتخلى عن تحديد الجرعات، فالمشكلة تكمن بالاصرار على التطوير، وليس بايجاد «منفس» من الاندية او الأعلام لاجل اقناع المجتمع ان هنالك بوادر عمل، فالاصل ان يظهر الانتاج على الواقع، وان يكون محليا كبداية، لا ان نطير خارجيا باجنحة مصابة، او ندخل دهليز لنتوه من جديد مثل البطولات الشاطئية، فالاولى ان نحسن الاصل «كرة اليد»، ومن ثم نعبث بما هو جديد!.