جريدة الملاعب -
دعاء الموسى
في لحظة واحدة… تغيّر كل شيء.. في لحظة، سقطت دموع السنين، وارتفعت الراية التي لطالما انتظرنا رؤيتها بين الكبار، في لحظة، لم نعد نعدّ الأيام على أمل التأهل… بل تأهلنا.
النشامى فعلوها. الأردن في كأس العالم.
هذا الإنجاز لم يولد من صدفة عابرة، ولم يكن وليد لحظة حظ، بل هو خلاصة سنوات من الألم، والعرق، والخسارات التي لم تنكسر فيها الروح، بل ازدادت عنادًا وصلابة.
لأن من يعرف الأردن، يعرف أنه وطن لا يعرف التراجع، وطن جعل من كرة القدم أكثر من لعبة… جعلها هوية، وكرامة، وصوتًا لصغار الحارات في عمان، وإربد، والكرك، والزرقاء، ومعان.
من ينسى مرارة الأورغواي؟ من ينسى تلك اللحظة التي خرجنا فيها من الحلم، والقلوب معلّقة على عرضة هدف ضائع؟ من ينسى نهائي آسيا، حين بكى الحلم في الدقيقة الأخيرة؟ لحظات خذلتنا، لكننا لم نخذل أنفسنا... نهضنا.
ومن بين اللحظات التي ستظل محفورة في ذاكرتنا، لا يمكن أن ننسى المباراة الدراماتيكية أمام اليابان، تلك اللحظة التي شهدت آسيا كلها تبديل حارس المرمى الذي غيّر مجرى القلوب، لا النتيجة.
لا تزال الحسرة رفيقة جمهورنا، لكن تلك اللحظة صنعت من الألم دافعًا، ومن الانكسار بداية.
ولأن وراء هذا الإنجاز رجال، لا بد من ذكر صاحب الرؤية الثاقبة، أمير الشباب، الذي لم يكتفي بأن يكون راعيًا، بل كان قائدًا وملهمًا، زرع الثقة في جيل كامل، آمن بالقدرة على التغيير، وبنى منظومة تجاوزت حدود الإمكانيات، لترتقي نفسيًا، ومعنويًا، وتحقق ما كان يُقال إنه مستحيل.
وجاء هذا الجيل… الجيل الذي لم يُهدى له المجد، بل انتزعه.
جيل لم يُولد مرشحًا، بل أصبح بطلًا.
جيل قاتل بالروح قبل المهارة، دخل كل مباراة وكأنها معركة وطنية، لا مجرد تسعين دقيقة.
اليوم…
اسم “الأردن” يُتلى على مسارح العالم الكبرى.
نحن لا نحضر فقط، بل نُثبت أننا نستحق الحضور بين النخبة، هذا ليس مجرد تأهل… هذا تتويج لقصة وطن، ووفاء لجمهور، ودليل أن الطموح لا سقف له حين يقوده رجال بحجم النشامى.
الحلم أصبح واقعًا.
ها نحن الآن بين كبار المنتخبات، في أهم المحافل عالميًا.
نعم…
كان شعارنا دائمًا: “المجد يُنتزع… ولا يُعطى”
وها نحن اليوم، قولًا وفعلًا، ننتزع المجد، ونُهديه لوطن لا يعرف المستحيل.