جريدة الملاعب -
خاص - في كرة القدم، لا يكتمل المشهد دون جماهير تهتف وتغني وتصبغ المدرجات بألوانها، فالحضور الجماهيري هو الوقود الذي يشعل المنافسات ويحول كل مباراة إلى احتفالية صاخبة، لكن الدوري الأردني هذا الموسم يسير في اتجاه آخر، مدرجات شبه خالية، أصوات خافتة، وأجواء رمادية أفقدت المباريات بريقها وأضعفت الحافز لدى اللاعبين.
غياب جمهور الوحدات تحديدا بدا صادما، فالنادي الذي اعتاد أن يلعب أمام مدرجات ممتلئة يجد نفسه هذا الموسم بلا الدعم المعتاد من عشاقه، وهو ما انعكس على نتائجه ومسيرته في البطولات.
في المقابل، يحاول جمهور الحسين إربد والرمثا تعويض هذا الفراغ بحضور لافت بعض الشيء لكنه ليس بالمستوى المطلوب، يعيد شيئا من حرارة المنافسة، بينما يحافظ جمهور الفيصلي على وجوده وإن كان حضوره أقل كثافة مما كان عليه في سنوات سابقة، أما جماهير أندية مثل البقعة والسلط والجزيرة والأهلي وشباب الأردن والسرحان فما زالت بعيدة عن الصورة، تاركة فرقها بلا "فزعة" قوية من جماهيرها.
الأسباب التي أوصلت المدرجات إلى هذا الحال متشابكة، فالكثير من الشباب، وهم الشريحة الأكثر شغفا باللعبة، يواجهون عبئا ماديا يجعلهم يترددون في شراء التذاكر وتحمل تكاليف المواصلات.
إلى جانب ذلك، فإن مواعيد المباريات غير المناسبة، سواء بإقامتها في منتصف الأسبوع أو في ساعات متأخرة، تصعب على المشجعين ترتيب حضورهم.
يضاف إلى ذلك ضعف المنافسة في بعض الأسابيع، وابتعاد بعض الفرق عن سباق اللقب، وهو ما يقلل من الحافز للحضور، فضلا عن سوء تجربة الملاعب من حيث الخدمات وسلاسة الدخول والخروج، وضعف الحملات التسويقية التي تروّج للمباريات وتجذب الجماهير.
هذه الغيابات لا تؤثر فقط على شكل المدرجات، بل تمتد إلى أرض الملعب ذاته، فالأداء الفني يختلف تماما عندما يخوض اللاعبون مباريات أمام مدرجات ممتلئة ترفع معنوياتهم وتدفعهم لتقديم أفضل ما لديهم، بينما تتحول الأجواء إلى ما يشبه المباريات الودية عندما تخلو المقاعد من الهتاف.
الأندية بدورها تتضرر ماليا مع تراجع مبيعات التذاكر وضعف العوائد، ما يضعف قدرتها على الاستثمار ويقلل من جاذبية الدوري للرعاة ووسائل الإعلام.
ومع ذلك، ما تزال بعض الومضات تبعث الأم، ففي المباريات المصيرية أو مواجهات القمة، تتدفق الجماهير من جديد، لتثبت أن الشغف لم يمت وأن كرة القدم الأردنية ما زالت قادرة على استعادة مكانتها إذا ما وجدت الخطط التي تحفز الجمهور على العودة.
اللاعبون أنفسهم يطالبون بعودة الجماهير، مدركين أن المدرجات هي قلب اللعبة وروحها، وأن أي بطولة بلا جمهور تفقد نصف قيمتها.
إن إعادة الحياة إلى الملاعب الأردنية مسؤولية مشتركة بين الاتحاد والأندية والإعلام، فالجماهير هي الركيزة التي تبنى عليها المنافسة، وهي وحدها القادرة على إعادة وهج الدوري وتحويل مبارياته إلى كرنفال كروي يعكس عشق الأردنيين للعبة الأكثر شعبية في العالم.