ولانزال في الملاعب العربية، التي نزلت عليها أنباء الكشف عن المنشطات في الدورة العربية الثانية عشرة بالدوحة مثل «الزلزال»، فبدا الجميع وكأنهم غير مصدقين، أو كأنهم كانوا يعلمون، ولكنهم يخدعون أنفسهم بأن أحداً لن يعرف.
لانزال في «ألعاب الدوحة»، فقد كانت البيت الذي تجمعت فيه «كل الرياضة العربية»، برموزها، ومسؤوليها ولاعبيها، وبخيرها وشرها، بأبطالها ومن ادعوا البطولة، فسقطوا في فخ المنشطات، كما أنها شهدت تبادل الاتهامات، بين أطراف عدة، من يرفض الاتهام، ومن يفترض نظرية المؤامرة.
وقد عكست شهادات واعترافات عدد من مسؤولي الساحة الرياضية حالة الارتباك والتخبط واللاوعي عند رياضيينا ومسؤولينا كرد فعل أولي للصدمة، لدرجة طالب معها بعضهم بإلغاء ألعاب بعينها، وطالب آخرون بتوقيع أقصى العقوبات على المتورطين، وذهب طرف ثالث إلى ضرورة تطعيم لاعبينا ولاعباتنا والإداريين أيضا ضد الجهل بقوانين المنشطات.
أبرز المشاهد في الدورة العربية، عكستها معركة «على الورق» بين الاتحاد العربي لبناء الأجسام، وبين اللجنة المنظمة واللجنة الطبية بالدورة، فوجهة نظر كل طرف منهم، تناقض وجهة النظر الأخرى، وتشكك في نواياها، كما أن تصريحات الأطباء المسؤولين عن الاتحادات الرياضية تتقاطع عكسياً مع تصريحات اللاعبين، إلى الحد الذي يمكن أن نتصور من خلاله أن كلاً منهما يكذب الآخر.
وإذا كان بيان يوم 17 ديسمبر الماضي، قد تسبب في زلزال أصاب الرياضة العربية، فإن توابعه مازالت تتفاعل حتى الآن وبنفس الدرجة التي كان عليها «زلزال الدوحة»، فإذا كانت قطر هي المكان ودورة الألعاب العربية هي الزمان في قصة المنشطات، فإن الأبطال والمتهمين مازلوا يتوالون في الظهور حتى الآن، ويبدو أن القضية سوف تستمر فترة على الساحة، خاصة أن البعض من مسؤولي اللجان الأولمبية كشفوا عن نواياهم بمعاقبة الاتحادات التي ينتمي إليها اللاعبون الـ14 الذين شملهم بيان 17 ديسمبر.
من جانبه، أكد الدكتور عبدالوهاب المصلح مدير الإدارة الطبية والرقابة على المنشطات في الدورة العربية الأخيرة بقطر أن السبب في بروز شبح المنشطات في الدورة، قد يكون مرتبطاً بكثرة عدد العينات التي أخذتها اللجنة من اللاعبين المشاركين في الحدث، حيث كانت المرة الأولى في جميع الدورات التي يتم خلالها إخضاع ما يزيد على 650 لاعباً ولاعبة لفحوص المنشطات، في حين أن أكثر مرة سابقة جرت فيها فحوص المنشطات لم يتجاوز عدد من خضعوا للفحوص 200 حالة فقط.
وقال: ربما يكون للتقدم الطبي والتكنولوجي أثره في هذه الظاهرة ليس على مستوى الدورة فقط، ولكن على المستوى العالمي، فالأجهزة المستخدمة أصبحت قادرة على اكتشاف أي نسبة ولو بسيطة من العقاقير والأدوية المحظورة، بفضل دقتها، كما أنني أظن أن جهل الرياضيين بالمعلومات الخاصة بالمنشطات وتراخي الأجهزة الطبية، كلها أمور يمكن وضعها في الأسباب الخاصة باستفحال أمر المنشطات في ملاعبنا العربية.
وتابع: المنشطات علمياً تضر بصحة الرياضي، و«ألعاب الدوحة» هي الأولى التي جاءت بعد أن وقعت كل اللجان الأولمبية الوطنية على ميثاق الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات، وبالتالي، فقد كان من اللازم أن يتم التعامل من قبل اللجنة المنظمة واتحاد اللجان الأولمبية العربية مع هذا الموضوع بمنتهى الجدية، وفي ظني فإن عدداً كبيراً من رياضيينا لا يعلمون بالمستجدات الخاصة بالمواد المدرجة على قائمة المحظورات، لأنها يتم تحديثها من فترة لأخرى، ومن آن لآخر، تتم إضافة مواد غير مدرجة سابقاً، ولكن القانون لا يفرق بين من لا يقصد تناول مواد منشطة، وبين الرياضي الذي يقصد، ويتعامل مع الواقع كما هو فالعقوبة واحدة.
وعما إذا كانت صورة الدورة العربية والرياضة العربية بشكل عام قد اهتزت في الخارج على خلفية هذا العدد غير المسبوق من المتورطين بتناول مواد محظورة، قال: بالعكس، فأنا أرى أن ما حدث يعطي صدقية لدوراتنا العربية القادمة، وفي الدورات الأولمبية والعالمية تكون هناك حالات كثيرة يتم الكشف عنها، ويحسب للدورة العربية في هذه المرة أنها لم تضع رأسها في الرمال، أو تجاهلت الأمر خوفاً على صورتها، وإنما تعاملت بمنتهى الجدية مع تلك الظاهرة التي لو تركناها لأكلت «الأخضر واليابس» من مكتسبات الرياضة التي نجنيها في رياضتنا.
واختتم المصلح قائلاً: بما أننا دخلنا في مرحلة الاحتراف والتخصص في الرياضة فلابد وأن نكون مستعدين مع كل المستجدات بمنتهى الثقة، وبناء عليه فأنا وكل أعضاء لجنتي لا نشعر بالحزن، أو الإحباط لأننا نقوم بواجبنا في العمل، وندق ناقوس الخطر لكل مسؤولي الرياضة في المنطقة من أجل التعامل بحذر مع هذا الموضوع.