جريدة الملاعب - بعد 10 سنوات من الأحداث التي خلفتها مباراة أم درمان بين مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم، ربما كان رد فعل الجماهير المصرية غريبا تجاه محاربي الصحراء في كأس الأمم الافريقية لكرة القدم.
وانتصرت مصر 2-صفر على الجزائر في آخر مباريات المجموعة في القاهرة ليتقاسما الصدارة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010 بالرصيد ذاته من النقاط والأهداف ليلجأ المنتخبان إلى مواجهة فاصلة في أم درمان في السودان.
وأثارت أحداث ما بعد فوز الجزائر 1-صفر حالة من الجدل والاحتقان بين جماهير وإعلام البلدين العربيين.
وخرجت وسائل إعلام مصرية تتهم الجماهير الجزائرية بالاعتداء على نظيرتها في أم درمان.
وقال المعلق المصري محمد الشاذلي الذي عاش في مدينة وهران لأربع سنوات من بينها فترة تصفيات كأس العالم "الحزن في 2009 كان من المفترض أن يكون تجاه المنتخب المصري في الأساس.
"بعد القرعة كنا المرشح بلا شك فنحن أبطال كأس الأمم في آخر نسختين. الجزائريون كانوا يباركون لي التأهل حتى أن رابح سعدان (مدرب الجزائر السابق) كان يؤكد أن آمال بلاده تنصب على التأهل لكأس الأمم فقط".
وتابع "مع اقتراب الحلم الجزائري بالعودة لكأس العالم بعد غياب منذ 1986 كان من الصعب التفريط فيه، ما حدث في أم درمان كانت فتنة بدت كروية لكنها كان أكبر من ذلك كثيرا، يجب أن نعي أن نمط الحياة في مصر يختلف تماما عن الجزائر، في مصر كرة القدم ليست المتنفس الوحيد للمصريين فهناك محتوى درامي وترفيهي وأسواق تجارية ضخمة بالإضافة إلى الهموم اليومية".
وأضاف "لكن الجزائريين لا يملكون سوى كرة القدم، فهي الملاذ الوحيد وتجد الأطفال والشبان يمارسونها والشيوخ يتحدثون عنها في الطرقات، كرة القدم هي مصدر السعادة والمتعة لبلد بسيط".
لكن المساندة المصرية للجزائر لم تظهر منذ بداية البطولة بهذا الوضوح بل أن الكفة بدأت تميل بعد مواجهة السنغال ومع الأداء الرائع الذي قدمه فريق المدرب جمال بلماضي.
وكانت مباراتا الجزائر ضد السنغال والمغرب ضد ساحل العاج هما الأكثر حضورا في دور المجموعات بعيدا عن مباريات صاحبة الأرض.
وربما لم يتخيل أحد أن تحتفل الجماهير الجزائرية بالفوز على نيجيريا في شوارع مصر وبالقرب من سفارة بلادهم في حي الزمالك وسط تجاوب من المصريين.
ويقول المهندس مصطفى عصام المولود لأب مصري وأم جزائرية "في مباراة نيجيريا والجزائر (في قبل نهائي كأس الأمم) لم أتخيل أن يكون عزف النشيد الوطني الجزائري بهذا الحماس في استاد القاهرة.
"خلال عزف النشيد الوطني للجزائر في مواجهة 2009 في القاهرة الجماهير أطلقت الصفارات وهناك من أدار ظهره للملعب، بعد ما حدث في أم درمان لم أتأثر في بيتنا لكني تعاطفت مع الجزائر بعد حديث وسائل الإعلام هنا في مصر".
وأضاف "شهدنا تحولا رهيبا في مواجهة نيجيريا وبعد هدف (رياض) محرز سمعت احتفالات كبيرة من الجماهير المصرية".
وربما كان من أسباب تعاطف المصريين إظهار الجزائريين حبهم لمحمد أبو تريكة لاعب مصر السابق الذي سافر في 2010 إلى الجزائر في مبادرة لتخفيف الاحتقان بين جمهور البلدين وأعلن تشجيعه لمحاربي الصحراء في كأس العالم وخلال منافسات كأس الأمم الجارية.
وتقريبا كان لاعب الأهلي المعتزل هو الوحيد الذي حصل على تحية الجماهير في مباريات ناديه في الجزائر أثناء مواجهة مولودية الجزائر في دوري أبطال افريقيا في 2011 وتكرر الأمر بعد ذلك بعدة أشهر في مواجهة الوداد البيضاوي في ملعب محمد الخامس في المغرب.
ومنذ انطلاق كأس الأمم هذا العام بدأت الجماهير تقليدا بالهتاف لأبو تريكة في الدقيقة 22 (وهو رقم قميصه) ولم تفوت الجماهير الجزائرية فرصة تقريبا في السير في هذا الخط.
ويقول المشجع المصري باسم نبيل الذي حضر مباراتين للجزائر في كأس الأمم الجارية "تعاملت بشكل مباشر مع جمهور الجزائر ولمست مدى تأثير أبو تريكة فيهم".
لكن عصام يوضح أن وجهة نظر المصريين لكرة القدم تختلف عن الجزائريين.
وتابع "الجمهور المصري محب لكرة القدم عندما يجد أداء جيدا ينجذب إليه بالإضافة إلى أنه شعب مضياف خاصة عندما يتعلق الأمر بالبطولة المجمعة مثل كأس الأمم. مباريات الكاميرون في 1986 الجماهير كانت تملأ استاد الاسكندرية وتكرر الأمر بعض الشيء مع نيجيريا في بورسعيد في 2006.
"الأمر مختلف في الجزائر، الشعب الجزائري يستضيفك بشكل رائع خارج الملعب لكن داخل الاستاد أنت فريسته".
وأعلنت وسائل إعلام جزائرية أن نحو 28 رحلة طيران ستحمل الجماهير إلى القاهرة لمساندة المنتخب الوطني في النهائي ضد السنغال يوم الجمعة.
واتفق الشاذلي وعصام في أن امتلاء مدرجات استاد القاهرة لن يكون غريبا لكنه مشهد فريد لم يحدث تقريبا من قبل.
وقال الشاذلي "بعد خروج مصر كان من الطبيعي الالتفاف حول المنتخبات العربية والمغرب قدم أداء مخيبا وتونس ظهرت بشكل متواضع لكن الجزائر نجحت فيما فشلت فيه مصر والمغرب وتونس.
"لن أكون مندهشا لو اكتسى استاد القاهرة بألوان العلم الجزائري في النهائي".
وأضاف عصام "لا أعتقد أنني شاهدت هذا العدد من جماهير غير مصرية في استاد القاهرة كما حدث في مباراة نيجيريا والجزائر.
"في كأس الأمم 2010 سافر العديد من الجزائريين خلف المنتخب لكن العدد لا يمكن مقارنته مع ما حدث يوم الأحد".
وتابع "لو صدق الحديث عن رحلات الطيران إلى القاهرة فنحن أمام أمر لا سابق له لحشد من جمهور غير صاحب الأرض في مباراة بكأس الأمم".