"لا يُمكن أن يفوز يورغن كلوب بالدوري الإنجليزي إذا لم يتعاقد مع لاعبين"، هي مقولة تتكرر في إنجلترا. لا شيء مُثير فيها سوى أن هذا الفريق المتواجد بين يدي كلوب الآن هو نفسه بطل دوري أبطال أوروبا وخسر اللقب بفارق نقطة واحدة.
فكيف يُمكن الادعاء بأن هناك من يعرف ليفربول أكثر من كلوب؟ ومن يحق له أن يُحاسب هذا المشروع؟ وحتى لو خسر ليفربول الدوري أمام مانشستر سيتي الموسم المقبل: هل باتت الصفقات هي فقط مفتاح الألقاب؟ يقول يوهان كرويف أنه "لم يشاهد يوماً كيساً من المال يُسجل هدفاً"، وهذه حقيقة مُطلقة تجسدها أندية كثيرة في إنجلترا، فيونايتد وتشيلسي صرفوا الكثير من الأموال في آخر السنوات وبقيوا خلف توتنهام.

ليفربول مع كلوب.. التوازن أولاً
وصل كلوب إلى ليفربول في موسم 2015/2016 ويملك عقداً مع الفريق حتى سنة 2021/2022. يعني هذا الأمر أن يورغن كلوب قد قضى 4 سنوات من مشروعه الذي يمتد لـ 7 سنوات ولا نعلم إن كان سيمتد أكثر. وحالياً في عالم كرة القدم باتت المشاريع طويلة الأمد قليلة مع المدربين حيث معدل بقاء المدرب مع فريقه يقارب سنتين ونصف.
في 4 سنوات يُعد صافي إنفاق كلوب صادماً، لم يتجاوز 107 مليون باوند (26.75 مليون باوند في السنة الواحدة)، ولتحقيق التوازن بين البيع والشراء، قام فريق ليفربول ببيع لاعبين بقيمة وصلت إلى 338 مليون باوند (أهمها 142 مليون باوند قيمة كوتينيو).
في زمن التضخم الخرافي، لم يكتفِ كلوب بتحقيق دوري الأبطال بفريق كلفه سنوياً ما يقارب 27 مليون باوند، بل رفع القيمة السوقية لهذا الفريق من 292.5 مليون باوند إىل 958.95 مليون باوند.
سياسة كلوب وليفربول
لا شك أن الثقة التي يملكها كلوب من الإدارة لن تجدها سوى لدى غوارديولا مع السيتي، لكن صفقات ليفربول ليست متهورة. بساطة حين كان السوق بأكلمه يزحف خلف الأظهرة تعاقد كلوب مع روبرتسون بـ 8 مليون باوند وصعد أرنولد من الأكاديمية، وحين ماطل ساوثمبتون في صفقة فان دايك لم يتهور ليفربول بالبحث عن بديل آخر، بل صبر حتى حسم الصفقة.
قصة أخرى تمنح فكرة عن سياسة ليفربول وهي لحظة بيع كوتينيو، كان الجميع ينتظر أن الصفقة التي وصلت مع الإضافات إلى 142 مليون باوند، سيتبعها ضخ مالي كبير لتعويض كوتينيو في السوق، لكن الصبر كان أيضاً مفتاح ليفربول ولم يتهور بضخ الأموال كما فعل برشلونة مثلاً بعد رحيل نيمار.

وسط الملعب: حديث الجميع
يتحدث الجميع عن حاجة ليفربول إلى صانع ألعاب في وسط الملعب يقوم بنقل الهجمة، لكن الحقيقة هي أن الفريق عانى الموسم الماضي من إصابتين الأولى: تشامبرلاين والثانية كيتا في فترة من الموسم. وهما اللاعبان المخولان القيام بهذا الدور. كذلك والأهم أن صانع اللعب الأول لليفربول ليس لاعب كما كان مع كوتينيو، بل هو الضغط العكسي وهذا الضغط هو ما يجب أن يحافظ عليه كلوب.
الأعمار وتحدي الأرباح
ترتفع تدريجياً أرباح ليفربول، لكن الفريق ما زال في المركز التاسع على الصعيد الأوروبي، في 5 سنوات (2013-2018) إلى 1880 مليون باوند، رقم ما زال بعيداً عن مانشستر يونايتد مثلاً الذي وصل 2820 مليون باوند (أعلى بـ 1000 مليون من ليفربول).
من هنا نعلم أن قدرة ليفربول على الصرف ليس ذاتها قدرة ريال مدريد أو برشلونة أو باريس أو مانشستر سيتي، إلا أن الفريق يملك العديد من اللاعبين في أعمار متقدمة (فيرمينو وفان دايك 28، ماني وصلاح 27، هندرسون وفينالدوم 29) وبالتالي فإن السنوات القادمة تُشكل تحدي ضخ دم جديد في الفريق، لكن على طريقة كلوب والإدارة التي أثبتت نجاحه بمشروع طويل الأمد.