جريدة الملاعب - فوزي حسونة
يعيش منتخب الأردن حالة حرجة، من جراء التراجع الواضح وغير المسبوق في مستواه الفني، ما انعكس سلباً على حضوره ونتائجه.
وتعتبر المرحلة الحالية دقيقة وحساسة بالنسبة لمنتخب الأردن، وبخاصة أن المساحة الزمنية التي تفصله عن ملاقاة الكويت باتت قصيرة جداً، حيث تقام الخميس المقبل في ثاني مواجهاته بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022، وكأس آسيا 2023.
ولا بد من تحكيم لغة العقل والمنطق وتغليب المصلحة العامة، فإقالة البلجيكي فيتال بوركلمانز في هذا التوقيت الحساس لن تكون مجدية، وقد تكون العواقب أكبر مما هي عليه الآن.
ورغم أن الجماهير الأردنية محقة في عزوفها عن حضور مباريات المنتخب بعدما صبرت طويلاً على الأداء غير المقنع، والنتائج المتواضعة والتخبط الواضح الذي يعيشه اتحاد اللعبة، لكن مقولة المساندة " في السراء والضراء" لا بد من تجسيدها على أرض الواقع في هذه الأيام.
ولا تختلف المسؤولية التي تقع على الجهاز الفني للمنتخب الأردني واللاعبين، عن التي تقع على الجماهير التي يجب أن تواصل القيام بدورها مهما ساءت الظروف، فهي تعد جزءا مهما من منظومة كرة القدم الأردنية.
نصيحة الجوهري
في حوار أجريناه مع الراحل محمود الجوهري قبل عدة سنوات، وهو الذي يعتبر أفضل من تولى قيادة النشامى، قال حينها كلاماً مهماً ودقيقاً للغاية.
الجوهري قال يومها: "إذا بحث أي مدرب عن تحقيق النجاح في قيادة منتخب الأردن، فلا بد أن يقوم باستخراج كل طاقات الاصرار والعزيمة والحماس لدى اللاعبين، وفي حال حقق ذلك، فإنه يكون قد أنجز من مهمته 80%، وما تبقى يكون للأمور الفنية والتكتيكية".
ووفقاً لكلام الجوهري وطبيعة اللاعب الأردني الذي دائماً ما يعشق التحدي، فإن استنهاض همة اللاعبين تعتبر أهم المتطلبات الرئيسة التي يجب أن يعمل عليها القائمون على منتخب النشامى ، فالإعداد النفسي هو كل ما يحتاجه اللاعبون في هذا الوقت.
وعلى فيتال بوركلمانز أن يأخذ بحديث الجوهري كنصيحة، فقد تمكنه من إنجاز مهمة الكويت نظراً لأهميتها له وللمنتخب.
المطلوب من فيتال
البلجيكي فيتال بوركلمانز، المدير الفني لمنتخب الأردني، لا بد أنه التفت للانتقادات التي طالته، وندرك بأنه غير راض عما يقدمه اللاعبون من أداء، وهو بكل تأكيد من يتحمل المسؤولية الكبرى بكل ما يخص مسيرة النشامى.
وينبغي على بوركلمانز التسلح حالياً بشيء من الجدية والحزم، وينأى بنفسه عن المزاح والضحك مع اللاعبين وهي صفة معروفة عنه، ولا بد أن يتعامل بمسؤولية وتركيز أكبر مع المنصب الذي يشغله، ويقدر الثقة التي منحها اياها الاتحاد الأردني رغم إخفاقه.
والمطلوب من بوركلمانز أن يكون واقعياً مع نفسه ويراجع حساباته الفنية جيدا، وعليه التحدث إلى اللاعبين، وبحيث يستعرض أمامهم الأخطاء التي تتكرر في كل مباراة دون علاج، ويؤكد لهم أن مباراة الكويت قد تكون الأخيرة له ولبعض اللاعبين في حال أخفقوا بانجاز المهمة ، لذلك لا بد من القتال وقبول التحدي أملاً بكسب الرهان.
ويمكن لبوركلمانز أن يستعين بقائد المنتخب عامر شفيع لتحفيز اللاعبين ورفع الحالة المعنوية لديهم، حيث يُعرف عنه جديته واندفاعه وروحه القتالية .
ويتوجب كذلك على بوركلمانز أيضاً أن يكف عن "تدليل" بعض اللاعبين ويعطي الفرصة لمن يستحق، لا لمن يستعرض، فلا يجامل أحداً ولا يلتفت للأسماء الرنانة كثيراً، فمصلحته كمدير فني للمنتخب تقتضي أن يهتم أكثر باسمه وسمعته من الاهتمام بأي لاعب آخر، فهو في النهاية المسؤول عن كل شيء.
متى يلعبون كرة قدم؟
خوض الأردن لمباراة سنغافورة وسط غياب عدد من المحترفين في الخارج، لا يبرر أبداً الأداء الغريب الذي قدمه المنتخب، وكان كافياً ليدق ناقوس الخطر، ويزيد من احباط الجماهير الأردنية.
وربما كان الشوط الأول أمام سنغافورة أسوأ شوط يقدمه منتخب الأردن في تاريخه الكروي، ونعلم بأن بوركلمانز يتحمل المسؤولية الكبرى، لكن ذلك لا يعفي اللاعبين أنفسهم من المسؤوليات .
ومنتخب الأردن حتى لو لعب بدون مدرب أمام سنغافورة، كان يجب أن يقدم أداء أفضل، لذلك فإن اللاعبين الذين أخفقوا في تطبيق أبجديات كرة القدم من تمرير ومساندة، أصبحوا بأمس الحاجة للدفاع عن نجوميتهم ومستقبلهم أمام الكويت، ويلعبوا كرة قدم حقيقية ، ويغلًبوا مصلحة المنتخب بعيداً عن مصالحهم والميل للأنانية بحثاً عن هدف ومجد شخصي يرفع من أسهم قيمتهم السوقية.
وعلى اللاعبين ألّا يعلقوا تراجع مستواهم على توقف المسابقات المحلية، فهناك معسكرات خارجية وداخلية وتدريبات ومباريات تجريبية مع المنتخب الأولمبي ودية مع عدة منتخبات كافية لرفع جاهزيتهم نسبياً، وعليهم أيضاً أن يثبتوا للجماهير الأردنية بأنهم أفضل من يستحق ارتداء قميص النشامى.
لا مبررات لدى اللاعبين، وهم يدركون أن الاتحاد الأردني لم يقصر معهم يوماً، بل أنه قام بتغليب مصلحتهم على مصالح الأندية التي تعد عصب كرة القدم، وذلك عندما قام مؤخراً بتوزيع "10" آلاف دينار لكل لاعب بعدما بلغوا الدور الثاني لكأس آسيا التي أقيمت في الإمارات، رغم اخفاقهم في البطولة.