الأدرينالين الكروي !!

جريدة الملاعب -

مهند جويلس

ليس كل ما أنتجته جائحة الفيروس اللعين كورونا كان سيئاُ، بل كان في أحيانٍ عديدة رسالة إلى البشرية جمعاء لتنبيههم أن الحياة ليست دائماً بسيطة وسهلة، كما أن المال ليس هو من يجلب السعادة في أغلب الأوقات .. ورسائل عديدة أخرى منها الإيجابية ومنها السلبية.

ما علاقة هرمون " الأدرينالين " في كرة القدم تحديداً هنا .. وما هو أيضاً ؟ ولماذا تم ربطه بفترة هذا الفيروس على أن هناك إيجابيات منه وفائدة على الرغم من أن الجميع أجمع على الضرر الكبير في مختلف القطاعات بسببه .. كيف كان جيداً بنسبة كبيرة ولمن ؟ حتى أن كرة القدم لم يختلف الجميع على أنها أصبحت بلا طعم بمدرجات خاوية.

هرمون ( أي مواد كيميائية ) هذا الأدرينالين الذي يرتبط في صراعنا " صراع الإنسان " مع البقاء، ويتم إنتاج " هذا الهرمون " في الغدة الكظرية، بالإضافة إلى كونه ناقلاً عصبياً ما يعني أن الدماغ أيضاً قادر على معالجته، ويتم أيضاً إفرازه في الجسم بحالات الطوارئ والأزمات من أجل إيقاظ وتيقظ الجسم.

أهم وظائفه أنه يعمل على تحفيز يقظة الجسم واستجابته في حالات الخطر، ومن هنا ظهر الأدرينالين الكروي الذي دخل إلى بعض أندية كرة القدم الأوروبية الكبيرة، والتي كانت نائمة أو في حالة قيلولة قبل مجيء هذا الوباء العالمي.

لن نخوض في تفاصيل أندية كثيرة، بل أبرزها وأهمها.. وكيف استقبلوا حقنة الأدرينالين التي تتطلب ممارسة الرياضة بانتظام حتى لا تلحق ضرراً عكسياً في جسم الإنسان .. في إسبانيا الملكي ريال مدريد، في إنجلترا الشياطين الحمر مانشستر يونايتد، في ايطاليا ومثلث أتالانتا ونابولي وميلان.

تفاصيل ليست عميقة بقدر ما هي رسائل مميزة، ريال مدريد تصدر الدوري الإسباني وبفارق أربعة نقاط عن غريمه التقليدي برشلونة قبل نهاية الدوري بقليل، واعتبار الملكي بطلاً للدوري هذا الموسم بنسبة كبيرة .. الملكي كان شخصاً غير قوياً بما في الكفاية قبل الكورونا " عدا مباراتي برشلونة "، وخلال فترة التوقف تشرب الأدرينالين في أجسام لاعبيه وبدا فريقاً من الصعب هزيمته أو مجاراته فنياً أو بدنياً، والمحك الحقيقي لرجال زيدان يكمن في المواجهة الأوروبية أمام مانشستر سيتي.

لا يختلف الأمر كثيراً في إنجلترا عند القطب الأحمر من مدينة مانشستر " المانيو "، إذ أن رفاق النجم الأبرز حالياً في البريميرليغ برونو فيرنانديز لا يوجد فريق قادر على مجاراتهم حتى ولو أنهم لم يواجهوا أندية كبيرة حتى الآن سوى توتنهام المترنح، ويبدو عليهم بأن لاعبي الشياطين الحمر كانوا قد استقبلوا حقنة الأدرينالين الأولى عند قدوم البرتغالي برونو، والثانية كانت خلال فترة الإستراحة ليعودوا أقوى من قبل كثيراً .. الفريق الليلة بشكل كبير سيكون ثانياً بعد أن كان عاشراً قبل بداية العام الحالي.

السلطان إبراهيموفيتش .. ربما كلمات مناسبة لبداية هذه الفقرة ولمعرفة مدى أهمية هذا السويدي في النقلة الجيدة والتي حصلت منذ أن وطأت قدماه مدينة ميلانو مرةً أخرى، وصول لنصف نهائي كأس ايطاليا والوداع كان بنتيجة التعادل، وتقدم خطوات مهمة للأمام للمنافسة أوروبياً .. والأفضل والأجمل من كل ذلك حصد ١٠ نقاط من روما ولاتسيو ويوفنتوس ونابولي على التوالي، يبدو بأن ميلان بيولي غير وسيكون له شأن في المستقبل القريب.

جاسبيريني في بيرغامو أعطى لاعبي أتالانتا هذه الحقنة بعد نهاية مرحلة ذهاب دور المجموعات لبطولة دوري أبطال أوروبا، تحول رهيب وانتصارات متتالية وأهداف لا تنتهي ووصول لربع نهائي الأبطال والتقدم لثالث ترتيب الكالتشيو وكما يقول المثل " الحبل ع الجرار "، لن تنتهي هذه المغامرة دون أشياء أخرى من أتالانتا هذا الموسم، ولولا ركلتي جزاء رونالدو عليهم لكان الفريق محققاً الفوز العاشر على التوالي والفوز الأول لهم على يوفنتوس في تورينو منذ ١٩٨٩.

والحال ينطبق على المدرب الإيطالي الآخر جينارو جاتوزو الذي يواصل يوماً بعد يوم بإثبات نفسه للجميع بأنه بذرة نجاح مدرب إيطالي جديد كغيره من عظماء تدريب ايطاليا، حقق لقب الكأس بعد العودة، ويسعى لضمان مقعد أوروبي الموسم الآخر دون نسيان أن فرصته الأوروبية ما زالت هذا الموسم وتحديداً في مواجهة برشلونة .. نابولي أمام مفترق طرق في قادم الأيام والمعدن الأصلي سيظهر عاجلاً أم آجلاً.

والتجارب لن تنتهي عند تلك الفرق، بل أن العديد من إدارات أصبحت تدرس كيف أن تجلب هذه الحقنة بشرط أن تؤثر إيجابياً على اللاعبين من الناحية الفنية، وهذا لن يتحقق إلا بالعمل الجماعي في المنظومة الكروية بقيادة فنية حكيمة .. كالفرنسي الأسطورة زين الدين زيدان، الحقنة هي ليست علاجاً ودواءً لفترة محددة؛ بل هي وقاية ستستمر سنوات وسنوات والنجاح يتحقق في معرفة كيفية الحصول عليها والإستمرار بها لوصفها وصفة طبية ناجحة.