جمال محمود: موسم من ثلاث جولات، فهل نملك النفس الطويل؟

جريدة الملاعب - بين تطلعات الجماهير وأحلام الأندية، وبين طموح الاحتراف ومحدودية الإمكانات، ينطلق دوري المحترفين الأردني هذا الموسم بثوب جديد، يفرض تحديات غير مسبوقة على الفرق كافة، ويضع الجميع أمام اختبار النفس الطويل والثبات الفني.

نظام ثلاثي.. لا مكان للارتباك
الموسم الجديد سيُقام على ثلاث مراحل، وهو نظام يشبه السباقات الماراثونية، حيث لا يكفي أن تنطلق بقوة، بل الأهم أن تعرف كيف تحافظ على استقرارك وهدوئك حتى صافرة النهاية. وهذا ما يفرض على الفرق المنافسة – على اللقب أو حتى البقاء – أن تبني فرقًا بعمق فني لا يقتصر على التشكيلة الأساسية، بل يمتد إلى دكة البدلاء. فمن لا يمتلك "البدائل الجاهزة"، لن يصمد طويلًا أمام ضغط الجولات وتوالي المباريات.

بداية مبكرة.. توقيت لا يخدم الإيقاع
موسم يبدأ في وقت مبكر بعد فترة سبات طويلة للّاعبين، قد يبدو غير مثالي من حيث الإعداد البدني والتكتيكي. ومع غياب فترات كافية للاستشفاء أو خوض مباريات ودية مناسبة، كان من الأجدر أن يُمنح الأسبوعان الأولان مساحة لالتقاط الأنفاس وبناء الإيقاع، لا الزجّ باللاعبين مباشرة في معترك المنافسة الرسمية. فالأندية تعاني – بلا استثناء – من صعوبات في رفع الجاهزية البدنية والفنية، ما قد ينعكس على جودة الأداء في الجولات الأولى.

صراع داخلي.. وسباق نحو الحلم
سيكون هذا الموسم بمثابة "معسكر مفتوح" للاعبين المحليين الراغبين في حجز مقاعدهم في قائمة المنتخب الوطني الذي يستعد لتمثيل الأردن في كأس العالم. هذه المنافسة الشرسة ستضخ طاقة إضافية في الدوري، حيث يسعى كل لاعب لإثبات جدارته واكتساب ثقة الجهاز الفني للمنتخب.

وفي المقابل، سيكون اللاعبون الدوليون تحت ضغط مزدوج: مطرقة التراجع في المستوى التي قد تُقصيهم من القائمة، وسندان الإصابات التي قد تحرمهم من الظهور في أهم محطة كروية في مسيرتهم.
كل دقيقة في الملعب ستكون فرصة أو تهديدًا، ولا أحد في مأمن.

تعاقدات وفق الإمكانيات.. لا وفق الطموحات
سوق الانتقالات هذا الموسم لم يشهد صفقات "من العيار الثقيل"، وهو أمر واقعي في ظل الظروف المالية لأغلب الأندية. الفرق عملت وفق مبدأ "ما هو متاح"، وليس "ما هو مطلوب"، وبهذا فإن تقييم التعاقدات سيكون مؤجلًا لحين بدء المنافسات، فكم من لاعب مغمور أثبت جدارته، وكم من اسم كبير خيّب الآمال.

أين الـVAR؟ وأين جودة النقل؟
رغم التطور الملحوظ في بعض الجوانب التنظيمية، ما زال غياب تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) يُثير التساؤلات.

فالمباريات الفاصلة، وخصوصًا في مراحل الحسم، لا تحتمل أخطاء تحكيمية قد تغيّر مجرى البطولة بأكملها.

كما أن النقل التلفزيوني بحاجة إلى تطوير جذري من حيث جودة البث، تعدد الكاميرات، والمحتوى المصاحب، خصوصًا ونحن على أعتاب مرحلة ذهبية بعد تأهل منتخبنا الوطني إلى كأس العالم. فأنظار الكشافين والإعلام العالمي ستتجه إلى لاعبينا، ولا بد أن تكون الصورة مشرفة.

لا تتسرعوا.. الطريق طويل
ما يميّز هذا الموسم أن الخطأ في البدايات لن يعني بالضرورة فقدان الحظوظ، وما يُكسب اليوم قد يُفقد غدًا. لذلك، فإن رسالتنا للأندية وجماهيرها: لا تتعجلوا في تقييم الأجهزة الفنية، فالموسم طويل، ومن يملك الثبات الفني والإداري سيكون الأقرب لحصد اللقب. الدوري هذا العام ليس سباق سرعة، بل ماراثون يتطلب ذكاءً إداريًا ونفسًا طويلًا.

كلمة أخيرة:
الدوري الأردني يدخل هذا الموسم مرحلة انتقالية.. بين نظام جديد، وأسماء جديدة، وطموحات قديمة تتجدد كل عام. إن أحسنّا إدارة هذه المرحلة – فنيًا، إداريًا، وإعلاميًا – فقد نشهد موسمًا استثنائيًا يُعيد الحياة إلى مدرجاتنا، ويمنح لاعبينا بطاقة عبور إلى ملاعب أوسع وأضواء أكبر.

فلننتظر.. ولنشاهد.. فمن يصمد حتى النهاية؟